متى يجب على الفتاة ارتداء الحجاب في الإسلام
تعرفي على الحكم الشرعي لارتداء الحجاب ومتى يجب على الفتاة المسلمة الالتزام به، مع بيان مسؤولية الوالدين في توجيه بناتهم، والأدلة من القرآن والسنة حول فرضية الحجاب وعلاقته بالعفاف والتقوى.

-
مقدمة
يُعد الحجاب في الإسلام من أعظم شعائر الدين، وركيزة أساسية في منظومة العفة والطهارة، إذ ارتبط بأمر الله تعالى المباشر للنساء في القرآن الكريم. والسؤال الذي يطرحه الكثير من الآباء والأمهات هو: متى يجب على الفتاة ارتداء الحجاب؟ وما حكم من بلغت سن التكليف ولم تلتزم به؟ وهل تقع المسؤولية الشرعية على والديها في حال تقاعست عن ارتدائه؟
هذا المقال يقدم شرحًا وافيًا للحكم الشرعي، مستندًا إلى نصوص القرآن والسنة، مع بيان أقوال أهل العلم، وتوضيح أثر الحجاب على الفتاة والأسرة والمجتمع.
-
متى يجب على الفتاة ارتداء الحجاب؟
- اتفق العلماء على أن الفتاة إذا بلغت مبلغ النساء وجب عليها ارتداء الحجاب الشرعي، لأنه من جملة أوامر الله تعالى.
- البلوغ يُعرف بعلامات: الحيض، أو الإنبات، أو بلوغ سن الخامسة عشرة.
- بمجرد تحقق البلوغ، تصبح الفتاة مكلفة بالأوامر والنواهي، فتُثاب على الطاعة وتُعاقب على المعصية.
قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب: 59].وهذا نص قرآني صريح في وجوب الحجاب على نساء المؤمنين عند خروجهن للحاجة.
- اتفق العلماء على أن الفتاة إذا بلغت مبلغ النساء وجب عليها ارتداء الحجاب الشرعي، لأنه من جملة أوامر الله تعالى.
-
الحكمة من فرض الحجاب
- الحجاب شعار للمسلمات وعلامة على العفة والحياء.
- يميز المرأة الحرة عن الأمة كما ورد في سبب نزول آية الأحزاب.
- يحفظ المرأة من أذى السفهاء ويصونها من النظرات الخاطئة.
- يجسد تقوى المرأة وإيمانها، ويجعل مظهرها متوافقًا مع باطنها.
قال تعالى:
﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 53].فإذا كان الله تعالى أمر أمهات المؤمنين - وهن أطهر النساء - بالحجاب، فغيرهن من باب أولى.
- الحجاب شعار للمسلمات وعلامة على العفة والحياء.
-
أقوال العلماء حول سن ارتداء الحجاب
- قبل البلوغ: اختلف العلماء في تحديد السن التي تُعوّد فيها الفتاة على الستر:
- قيل سبع سنوات.
- وقيل تسع سنوات.
- ويختلف ذلك بحسب طبيعة الفتاة ونموها ومظاهر الأنوثة عليها.
- بعد البلوغ: يصبح الحجاب فرضًا عينيًا بالإجماع، ويأثم من تركه.
قال الفقهاء: "إذا ظهرت على الفتاة مظاهر النساء، وجب إلزامها بالستر حتى لو لم تبلغ بعد".
- قبل البلوغ: اختلف العلماء في تحديد السن التي تُعوّد فيها الفتاة على الستر:
-
حكم من بلغت ولم ترتد الحجاب
- الفتاة التي تبلغ سن التكليف وترفض ارتداء الحجاب تكون عاصية لله تعالى.
- رفضها الحجاب بحجة أنه لا يتماشى مع ذوقها أو مظهرها لا يبرر المعصية.
- قال تعالى:
﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء: 65].
فالحجاب أمر شرعي يجب التسليم له دون تردد.
- الفتاة التي تبلغ سن التكليف وترفض ارتداء الحجاب تكون عاصية لله تعالى.
-
مسؤولية الوالدين في إلزام بناتهم بالحجاب
- الله تعالى كلف الوالدين برعاية أولادهم، فقال:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6]. - قال النبي ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» (رواه البخاري ومسلم).
- إذا قصّر الأب أو الأم في إلزام بناتهم بالحجاب، كانا مقصرين في الأمانة.
- على الوالدين غرس حب الحجاب منذ الصغر حتى لا يكون ارتداؤه صعبًا بعد البلوغ.
- الله تعالى كلف الوالدين برعاية أولادهم، فقال:
-
أثر الذنوب وترك الحجاب
- ترك الحجاب يدخل في باب المعاصي، والمعاصي لها آثار خطيرة على:
- القلب: قسوة وظلمة.
- البدن: ضعف وذل.
- العقل: انحراف الفكر.
- الدين: البعد عن الطاعة.
- الدنيا والآخرة: ضيق العيش وسوء العاقبة.
- قال العلماء: "المعاصي تجرّ إلى معاصٍ أعظم منها، والطاعة تجرّ إلى طاعة أكبر منها".
- ترك الحجاب يدخل في باب المعاصي، والمعاصي لها آثار خطيرة على:
-
الحجاب اليوم ضرورة أعظم من أي وقت مضى
- في زمن كثر فيه التبرج وقلّ فيه الحياء.
- مع انتشار الفتن وتزيين الشيطان للفاحشة.
- فإن الحاجة للحجاب أشدّ من زمن الصحابيات، لأنه صار حصنًا منيعًا للمرأة.
قال تعالى:
﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]. - في زمن كثر فيه التبرج وقلّ فيه الحياء.
-
خاتمة
الحجاب ليس مجرد زي خارجي، بل هو فريضة شرعية ووسيلة لحفظ الدين والعرض والحياء. فإذا بلغت الفتاة سن التكليف وجب عليها الالتزام بالحجاب فورًا، سواء وافق هواها أم لا، لأنه أمر الله تعالى. كما أن الوالدين مسؤولان أمام الله عن تعليم أولادهما الفرائض ومنها الحجاب، والتقصير في ذلك إثم عظيم.
إن الالتزام بالحجاب علامة على صدق الإيمان، وهو سبيل للفوز برضا الله، وصون النفس من الفتن، وحماية المجتمع من الانحراف.