مسح الأذنين في الوضوء بين الوجوب والاستحباب
تعرف على حكم مسح الأذنين في الوضوء بين الوجوب والاستحباب، مع أقوال الفقهاء والأدلة الشرعية، وهل يصح الوضوء بدون مسح الأذنين؟ دليل فقهي شامل يوضح المسألة بطريقة سهلة واحترافية."

-
مقدمة
يُعدّ الوضوء مفتاح الصلاة وأساس صحتها، وقد ورد تفصيله في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ. ومن المسائل التي وقع فيها الخلاف الفقهي بين العلماء: حكم مسح الأذنين في الوضوء، هل هو واجب كمسح الرأس، أم سنة مستحبة لا يضر تركها؟
ولأن هذه المسألة تتعلق بعبادة متكررة يومياً، كان من المهم استعراض أقوال الفقهاء وأدلتهم، وبيان الراجح منها، بما يسهل على المسلم فهم الحكم الشرعي والعمل به عن علم وبصيرة. -
الأحاديث الواردة في مسح الأذنين
وردت عدة روايات في السنة النبوية تثبت أن النبي ﷺ مسح أذنيه في وضوئه:
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أن النبي ﷺ مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما (رواه الترمذي وصححه).
- وعن الربيّع بنت معوِّذ رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله ﷺ مسح رأسه، ما أقبل منه وما أدبر، وصدغيه وأذنيه مرة واحدة (رواه أبو داود والنسائي).
- وروي عن النبي ﷺ أنه قال: «الأذنان من الرأس» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني).
فهذه الأحاديث تدل على مشروعية مسح الأذنين، لكن يظل السؤال: هل يدل فعله ﷺ على الوجوب أم الاستحباب؟
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أن النبي ﷺ مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما (رواه الترمذي وصححه).
-
أقوال الفقهاء في حكم مسح الأذنين
1- القول بالوجوب
ذهب بعض الفقهاء إلى أن مسح الأذنين واجب، ومن أبرزهم:
- الحنابلة: وهو المذهب المعتمد عندهم، مستدلين بحديث: «الأذنان من الرأس». فإذا كانتا من الرأس، وجب مسحهما معه.
- إسحاق بن راهويه: قال بوجوب المسح، معللاً بأن أفعال النبي ﷺ الأصل فيها الوجوب ما لم يرد دليل على الاستحباب.
2- القول بالاستحباب
وهو قول الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنفية. وذهبوا إلى أن مسح الأذنين سنة مؤكدة وليس واجباً، فمن تركه فلا شيء عليه ووضوؤه صحيح.
واستدلوا بقول النبي ﷺ للأعرابي حين علّمه الوضوء:
«توضأ كما أمرك الله، اغسل وجهك ويديك، وامسح برأسك، واغسل رجليك» (رواه أبو داود والترمذي).
فلم يذكر فيه مسح الأذنين، مما دل على أن وجوب الوضوء ينحصر في الأعضاء الأربعة المذكورة في الآية.3- مذهب الإمام أحمد
نقل ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد قال:
"الأذنان من الرأس، فقياس المذهب وجوب مسحهما، لكن من ترك مسحهما عامداً أو ناسياً فوضوؤه صحيح."
فهو يرى أنهما من الرأس، لكن ترك مسحهما لا يبطل الوضوء، مما يجعله أقرب إلى الاستحباب المؤكد.
- الحنابلة: وهو المذهب المعتمد عندهم، مستدلين بحديث: «الأذنان من الرأس». فإذا كانتا من الرأس، وجب مسحهما معه.
-
الخلاف في هل الأذنان من الرأس أم من الوجه؟
اختلف الفقهاء في تحديد تبعية الأذنين، على أربعة أقوال:
1. الشافعي: الأذنان ليسا من الرأس ولا من الوجه، بل يمسحان على حيالهما بماء جديد.
2. أبو حنيفة ومالك: الأذنان من الرأس، لكن أبا حنيفة قال يُمسحان مع الرأس، ومالك قال يُمسحان بماء جديد.
3. ابن سيرين والزهري: قالا إنهما من الوجه، فيغسلان معه.
4. الشعبي: فرّق بين ما أقبل منهما فهو من الوجه، وما أدبر فهو من الرأس.
والراجح أن الأذنين يتبعان الرأس حكماً، لحديث: «الأذنان من الرأس»، لكن ذلك لا يوجب مسحهما وجوباً قطعياً عند الجمهور.
-
هل يُؤخذ ماء جديد لمسح الأذنين؟
- الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة): يُستحب أخذ ماء جديد للأذنين، تأسياً بفعله ﷺ.
- الحنفية: يكفي مسحهما مع الرأس بماء واحد.
- ابن عثيمين: رجّح أنه لا يُستحب أخذ ماء جديد، لأن الواصفين لوضوء النبي ﷺ لم يذكروا أنه خص الأذنين بماء جديد.
- الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة): يُستحب أخذ ماء جديد للأذنين، تأسياً بفعله ﷺ.
-
حكم من ترك مسح الأذنين
اتفق العلماء – عدا بعض الروايات الشاذة – على أن من ترك مسح الأذنين فوضوؤه صحيح، سواء تركه عمداً أو نسياناً.
قال الطبري: «أجمعوا أن من ترك مسحهما فطهارته صحيحة».
وعليه: فمن نسي مسحهما أو لم يستطع بسبب مرض أو ضرر، فلا حرج عليه، وصلاته صحيحة. -
الحالات العملية المتعلقة بالمسألة
1. من يتضرر بالمسح
من أصيب بالتهاب أو مرض في الأذن عند مسحها، فلا حرج عليه في ترك المسح، عملاً بقاعدة: «الميسور لا يسقط بالمعسور».2. من مسح الأذنين قبل الرأس
لا يُجزئه ذلك، لأن السنة أن تكون بعد مسح الرأس، كما قال النووي في المجموع.3. كيفية المسح الصحيح
- يمسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.
- يدخل السبابتين في صماخ الأذنين، ويمسح بالإبهام على ظاهرها.
- يكون ذلك مع الرأس أو بماء جديد، على حسب المذهب.
- يمسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.
-
الخاتمة
1. من يتضرر بالمسح
من أصيب بالتهاب أو مرض في الأذن عند مسحها، فلا حرج عليه في ترك المسح، عملاً بقاعدة: «الميسور لا يسقط بالمعسور».2. من مسح الأذنين قبل الرأس
لا يُجزئه ذلك، لأن السنة أن تكون بعد مسح الرأس، كما قال النووي في المجموع.3. كيفية المسح الصحيح
- يمسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.
- يدخل السبابتين في صماخ الأذنين، ويمسح بالإبهام على ظاهرها.
- يكون ذلك مع الرأس أو بماء جديد، على حسب المذهب.
- يمسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.