أحكامُ نَجَاسَةِ الدَّمِ السَّائِلِ (المُبَسَّطَةُ)

تناولَ المقالُ حُكمَ الدَّمِ السَّائِلِ بشكلٍ مُبَسَّطٍ ومُيَسَّرٍ، وهوَ على ثلاثةِ أنواعٍ: الأوَّلُ: الدَّمُ السَّائِلُ منَ الحَيوانِ والإنسانِ. الثَّاني: دَمُ الحَشَراتِ. الثَّالث: الدَّمُ المُتَبَقِّي في اللَّحْمِ بعدَ الذَّبْحِ، معَ بيانِ حُكمِها وتوضيحِها وأمثلةٍ عمليَّةٍ واقعيَّةٍ عليها.

أحكامُ نَجَاسَةِ الدَّمِ السَّائِلِ (المُبَسَّطَةُ)
  • المُقَدِّمَةٌ

    النَّجَاسَاتُ في الشَّريعَةِ الإسلاميَّةِ تَشمَلُ أنواعًا مُختَلِفَةً، ولكلِّ نَوعٍ منها أحكامٌ خاصَّةٌ.

    في هذهِ المَقالَةِ، سَنَتناولُ الدَّمَ السَّائِلَ منَ النَّجَاسَاتِ معَ تَبسيطِ الشَّرحِ وذِكرِ أمثلةٍ لتوضيحِ الأحكامِ المتعلِّقةِ به، ويمكنُ تقسيمُ الدَّمِ السَّائِلِ إلى ثلاثةِ أنواعٍ سنتناولُها بالتَّفصيلِ معَ ذِكرِ أمثلتِها ومَسائِلِها المُعاصِرَةِ لتبسيطِ الحُكمِ قدرَ الإمكانِ.
    وهيَ كالآتي:

    1. الدَّمُ السَّائِلُ منَ الإنسانِ أو الحيوانِ.

    2. دَمُ الحَشَراتِ مثلَ البَقِّ والبَراغِيثِ.

    3. الدَّمُ المُتَبَقِّي في اللَّحْمِ بعدَ الذَّبْحِ.

  • أوَّلًا: الدَّمُ السَّائِلُ منَ الإنسانِ أو الحيوانِ

    ·      حُكمُ الدَّمِ السَّائِلِ منَ الإنسانِ أو الحَيوانِ: الدَّمُ الذي يَخرجُ منْ جِسمِ الإنسانِ، سواءٌ كانَ ذَكَرًا أو أُنثَى، يُعتَبَرُ نَجِسًا، ويَنطبِقُ نَفسُ الحُكمِ على الدَّمِ السَّائِلِ منَ الحَيواناتِ.
    وَبيانُ ذلك: إذا جُرِحَ شخصٌ أو سالَ منهُ دَمٌ بسببِ حادثةٍ أو إصابةٍ، فإنَّ هذا الدَّمَ يُعتبَرُ نَجِسًا، ويَجبُ تطهيرُ المكانِ الذي أصابهُ الدَّمُ إذا أرادَ الشَّخصُ الصَّلاةَ أو أداءَ العباداتِ التي تُشترَطُ لها طَهَارَةُ المكانِ.

    ·      الأمثلةُ العمليَّةُ على المسألةِ:

    §      إذا أُصِبتَ بجُرحٍ في يدِك وسالَ الدَّمُ، يَجِبُ عليكَ تنظيفُ الدَّمِ وغَسلُ المنطقةِ المُتضرِّرَةِ. وإذا أصابَ الدَّمُ ملابِسَك، يَجِبُ غَسلُها قبلَ الصَّلاةِ.

    §      إذا جَرحتَ يدَك أثناءَ العملِ في المَطبَخِ وسالَ الدَّمُ منها، يَجبُ عليكَ غسلُ المكانِ الذي أصابَهُ الدَّمُ سواءٌ كانَ يدَك أو سَطحَ العملِ أو ملابِسَك؛ لأنَّ الدَّمَ السَّائِلَ منَ الجُرحِ يُعتبَرُ نَجِسًا، وبالتالي يَتوجَّبُ عليكَ إزالةُ النَّجَاسَةِ قبلَ الصَّلاةِ.

    §      في حالِ وقوعِ حادثٍ مُروريٍّ أو إصابةٍ جسديَّةٍ أثناءَ ممارسةِ الرِّياضَةِ، مثلَ لعبِ كُرةِ القدمِ، فإنَّ الدَّمَ السَّائِلَ منَ الجُرحِ يُعتبَرُ نَجِسًا؛ لذا يَجبُ على الشَّخصِ تنظيفُ مكانِ الإصابةِ وإزالةُ الدَّمِ قبلَ الوُضوءِ والصَّلاةِ.

    §      عندَ ذَبحِ حيوانٍ للأكلِ (مثلَ ذَبحِ الدَّجاجِ أو الخَروفِ)، فإنَّ الدَّمَ الذي يسيلُ بعدَ الذَّبحِ يُعتبَرُ نَجِسًا، ولذلكَ يَجبُ التَّخلُّصُ منهُ وعندَ مُلامَستِهِ للملابِسِ أو الأدَواتِ المُستَخدَمَةِ في الذَّبحِ، يَجبُ غَسلُ الأدَواتِ وتنظيفُ المكانِ الذي أصابَهُ الدَّمُ.

  • ثانيًا: دَمُ الحَشَراتِ مثلَ البَقِّ والبَراغِيثِ

    ·      حُكمُ دَمِ الحَشَراتِ:
    دَمُ البَقِّ والبَراغِيثِ، وحتَّى الحَشَراتِ الصَّغيرةِ الأُخرى التي قد تَلدَغُ الإنسانَ، لا يُعتبَرُ نَجِسًا.
    وَبيانُ ذلك: إذا لَدغَك برغوثٌ أو بَعوضَةٌ وخرجَ منَ البرغوثِ أو البَعوضَةِ دَمٌ، فهذا الدَّمُ لا يَلزَمُ تَطهيرُهُ أو غَسلُ الملابِسِ التي أصابَها.

    ·      الأمثلةُ العمليَّةُ على المسألةِ:

    §      إذا كُنتَ نائِمًا واستيقظتَ ولَدَيكَ آثارُ لَدَغاتِ البَعوضِ أو البَراغِيثِ على جِسمِكَ، فالدَّمُ الذي قد يَخرجُ منْ تلكَ الحَشراتِ لا يَستوجِبُ الطَّهارَةَ؛ لذا يُمكِنُكَ الصَّلاةُ دونَ الحاجَةِ إلى غَسلِ المكانِ المُصابِ.

    §      إذا تَعرَّضتَ للعَضِّ منْ قِبَلِ بَقٍّ أو بَراغِيثَ أو حَشَراتٍ صغيرةٍ أثناءَ وجودِكَ في الهواءِ الطَّلقِ أو في مَناطِقَ مُلَوَّثَةٍ، فقدْ يُلاحِظُ الشَّخصُ بَعضَ الدَّمِ النَّاتِجِ عنْ هذهِ اللَّدغاتِ. هذا الدَّمُ لا يُعتبَرُ نَجِسًا ولا يَتطلَّبُ تَطهيرَ الملابِسِ أو غَسلَ المكانِ المُتضرِّرِ.

    §      عندَ استيقاظِكَ صباحًا ووَجدتَ لَدَغاتٍ على جِلدِكَ بِسَببِ البَراغِيثِ أو البَقِّ، قدْ يَظهَرُ بَعضُ الدَّمِ على الجِلدِ أو السَّريرِ. في هذهِ الحالةِ، لا يُعتبَرُ هذا الدَّمُ نَجِسًا، وبالتالي لا تَحتاجُ إلى غَسلِ الملابِسِ أو الفِراشِ، ويُمكِنُكَ الصَّلاةُ دونَ أيِّ تَطهيرٍ إضافيٍّ.

    ·      مُلاحَظَةٌ مُهِمَّةٌ: حُكمُ دَمِ الحَشَراتِ يَختَلِفُ عنْ حُكمِ مِيتَتِها، ولمزيدٍ منَ التَّفاصيلِ راجِعْ مَقالَتَنا (نَجَاسَةُ المَيتَةِ).

  • ثالثًا: الدَّمُ المُتَبَقِّي في اللَّحْمِ بعدَ الذَّبْحِ

    ·      حُكمُ الدَّمِ المُتَبَقِّي في اللَّحْمِ بعدَ الذَّبْحِ:
    الدَّمُ الذي يَبقى في اللَّحمِ أو في عُروقِ الحَيوانِ بعدَ ذَبحِهِ ليسَ نَجِسًا؛ لأنَّهُ غيرُ "مَسفوحٍ"، أي أنَّهُ ليسَ دَمًا يَتدفَّقُ ويَسيلُ بشكلٍ واضِحٍ.
    فالدَّمُ الذي يَبقى في اللَّحمِ أو عُروقِ الحَيوانِ بعدَ ذَبحِهِ مَعفُوٌّ عنه.
    وَبيانُ ذلك: بعدَ ذَبحِ الحَيوانِ وَفقَ الطَّريقةِ الشَّرعيَّةِ، يَخرجُ الدَّمُ السَّائِلُ الذي يُعتبَرُ نَجِسًا، ولكنَّ الدَّمَ الذي يَبقى في اللَّحمِ أو العُروقِ بعدَ الذَّبحِ لا يُعدُّ نَجِسًا. وبالتَّالي، لا حاجَةَ إلى تَطهيرِ اللَّحمِ قبلَ طَهيِهِ.

    ·      الأمثلةُ العمليَّةُ على المسألةِ:

    §      عندَ شِراءِ لَحمٍ منَ السُّوقِ وطَهيِهِ، قدْ تُلاحِظُ وجودَ بَعضِ الدَّمِ داخِلَ اللَّحمِ أو العُروقِ، وهذاَ الدَّمُ لا يُعتبَرُ نَجِسًا، ولا يُؤثِّرُ على طَهارَةِ الطَّعامِ أو الصَّلاةِ.

    §      عندَ إعدادِ طَبَقٍ منَ اللَّحمِ المَشويِّ أو الحَساءِ، قدْ يَظهَرُ بَعضُ الدَّمِ المُتَبقِّي في اللَّحمِ خلالَ عمليَّةِ الطَّهيِ، وهذاَ لا يَتطلَّبُ أيَّ إجراءٍ خاصٍّ؛ لذا يُمكِنُكَ تَناوُلُ الطَّعامِ دونَ الحاجَةِ إلى تَطهيرِ اللَّحمِ أو القَلقِ منَ النَّجَاسَةِ، لأنَّهُ ليسَ دَمًا "مَسفوحًا" (أيْ غيرَ سائِلٍ بشكلٍ واضِحٍ).

  • رابعًا: الخُلاصَةُ في حُكمِ الدَّمِ السَّائِلِ

    ·      الدَّمُ السَّائِلُ منَ الإنسانِ أو الحَيوانِ نَجِسٌ، ويَجبُ التَّطهُّرُ منهُ.

    ·      دَمُ الحَشَراتِ مثلَ البَقِّ والبَراغِيثِ ليسَ نَجِسًا، ولا يَتطلَّبُ تَطهيرًا.

    ·      الدَّمُ الذي يَبقى في اللَّحمِ بعدَ الذَّبْحِ غيرُ نَجِسٍ، ويُمكِنُ طَهيُهُ وأَكلُهُ دونَ حاجَةٍ إلى تَطهيرِهِ.

  • خامسًا: الأَدِلَّةُ والمَراجِعُ العِلْمِيَّةُ

    "الدمُ السّائِلُ من الآدَميِّ، ذَكرًا كان أو أُنثى، ومِن سائِرِ الحَيواناتِ نَجِسٌ".

    "دَمُ البَقِّ والبَراغيثِ ليسَ نَجِسًا".

    "الدَّمُ الذي يَبقى في اللَّحمِ والعُروقِ بعد الذَّبحِ ليسَ نَجِسًا؛ لأنَّه غيرُ مَسفوحٍ".

    المَرجِع: "البَدائعُ، ج ١، ص ٦٠، ٦١".

    تنبيه هام:

    إنَّ محتويات هذه المقالة خاصَّةٌ بموقع مؤمنة الإلكترونيِّ، ولا نجيز لأحد أخذها أو الاقتباس منها دون الإشارة لرابطها في موقعنا ولا نسامح على سرقة تعبنا فيها؛ نظرًا للوقت والجهد المبذولين فيها وحفاظًا على الحقوق العلميَّة لمحتوى موقعنا.