حكم قتل النمل في الإسلام

تعرف على حكم قتل النمل في الإسلام بالتفصيل، مع الأدلة الشرعية من القرآن والسنة وأقوال العلماء، وبيان الحالات التي يجوز فيها قتله، والضوابط الشرعية لذلك، وفق فتاوى ابن باز وابن عثيمين وغيرهم.

حكم قتل النمل في الإسلام
حكم قتل النمل في الإسلام
  • مقدمة

    إن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ مصالح العباد، ورعاية حقوق الكائنات جميعها، صغيرها وكبيرها. ومن ذلك ما ورد في النصوص الشرعية من نهيٍ عن قتل بعض الدواب التي خلقها الله عز وجل، وجعل لها دوراً في التوازن البيئي، ومن أبرزها: النمل.
    وقد يتساءل الكثير من الناس عن حكم قتل النمل، خاصة مع كثرة انتشاره في البيوت والحقول والمزارع، وما قد يسببه أحيانًا من أذى. هذه المقالة تستعرض الأدلة الشرعية وأقوال العلماء في حكم قتل النمل، وتبين الضوابط التي يجب مراعاتها في التعامل معه، بما يحقق الفهم الصحيح لأحكام الشريعة الإسلامية.

  • الأدلة الشرعية على تحريم قتل النمل

    وردت عدة نصوص صحيحة تنهى عن قتل النمل، منها ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:

    "نهى رسول الله ﷺ عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد".
    وقد صحح هذا الحديث الإمام الألباني في "صحيح أبي داود".

    وهذا النهي يدل على أن الأصل في النمل تحريم قتله، فلا يجوز الاعتداء عليه بغير سبب معتبر، لما في ذلك من مخالفة لأمر النبي ﷺ.


  • أقوال العلماء في حكم قتل النمل

    . القول بالتحريم

    ذهب كثير من أهل العلم إلى أن قتل النمل محرم مطلقاً إذا لم يصدر منه أذى، وهو ما اختاره ابن عقيل والموفق وابن مفلح وغيرهم، واستدلوا بالنصوص الواردة في النهي الصريح. قال المرداوي في "تصحيح الفروع":

    "التحريم أظهر للنهي... لا يجوز قتل النمل ولا تخريب أجحرتهن ولا قصدهن بما يضرهن".

    2. القول بالكراهة

    وبعض أهل العلم حمل النهي على الكراهة، لا على التحريم، إذا لم يكن في قتل النمل أذى مباشر. لكن الراجح عند جمهور المحققين أن النهي للتحريم، خاصة مع ورود النهي المؤكد عن النبي ﷺ.

    3. قول المالكية

    فصّل المالكية في المسألة، فجعلوا جواز قتل النمل مشروطًا بشرطين:

    • أن يكون النمل مؤذيًا.
    • ألا يمكن دفع أذاه إلا بالقتل.
      فإن توفر الشرطان جاز قتله، وإلا حرم.

  • متى يجوز قتل النمل؟

    الأصل كما تقدم أنه لا يجوز قتل النمل، لكن استثنى العلماء حالة الأذى، وذلك إذا تسبب النمل في ضرر معتبر، كإفساد الطعام، أو إتلاف الأثاث، أو إيذاء الجسد بالقرص الشديد، أو النمل الأبيض (الأرضة) الذي يفسد البيوت والأخشاب.

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

    "ما نهى عن قتله فهذا لا يقتل لا في الحل ولا في الحرم، مثل: النملة والنحلة والهدهد والصرد... إلا إذا آذى؛ فإنه يدافع بالأسهل فالأسهل، فإن لم يندفع إلا بالقتل قتل".

    وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

    "إذا كان هذا النمل يؤذيهم؛ فلا بأس، أما إذا كان لا يؤذي؛ فلا يقتل".


  • كيفية قتل النمل المؤذي

    إذا جاز قتل النمل بسبب الأذى، فإن ذلك يجب أن يتم وفق الضوابط الشرعية التي تقتضي الإحسان حتى في القتل. قال النبي ﷺ:

    "إن الله كتب الإحسان على كل شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة" (رواه مسلم).

    وعليه:

    • يجب تجنب الحرق؛ لأنه تعذيب بالنار، وقد ورد النهي عنه صريحًا في الحديث:

    "لا يعذب بالنار إلا رب النار".

    • يجوز استخدام المبيدات الحشرية أو الوسائل الحديثة التي تميت النمل بسرعة دون تعذيب.
    • الأفضل البدء بالطرق الأخف ضررًا مثل إبعاد النمل أو سدّ الجحور أو تنظيف أماكن تجمعه، فإن لم يندفع إلا بالقتل جاز حينها.

  • أقسام الحشرات في ضوء النصوص الشرعية

    بيّن العلماء أن الحشرات تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    1.   ما أمر الشرع بقتله: مثل العقرب، والفأرة، والغراب، والحدأة، والكلب العقور، والوزغ.

    2.   ما نهى الشرع عن قتله: مثل النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد.

    3.   ما سكت الشرع عنه: مثل الصراصير والجعلان والخنافس، وهذه مباحة من حيث القتل، لكن الأولى تركها لأنها من مخلوقات الله التي تسبح بحمده.


  • الخلاصة

    • الأصل في النمل التحريم: لا يجوز قتله مطلقًا إلا إذا وجد منه أذى.
    • الاستثناء في حالة الأذى: إذا ترتب على وجود النمل ضرر في البدن أو المال، ولم يندفع إلا بالقتل، جاز قتله.
    • الوسيلة المباحة: يقتل بالطرق المشروعة مثل المبيدات، لا بالحرق.