حكم نوم الابن البالغ بجوار أمه في الإسلام
هل نوم الابن البالغ بجوار أمه في فراش واحد حلال أم حرام؟ تعرف على الحكم الشرعي بالتفصيل مع الأدلة من السنة وأقوال العلماء، والضوابط الشرعية والتربوية التي تحفظ الأسرة من الفتنة.

-
مقدمة
يُعتبر موضوع نوم الأبناء بجوار أمهاتهم بعد سن البلوغ من المسائل التي تشغل بال الكثير من الأسر المسلمة، خصوصًا في ظل ضيق البيوت أو غياب الوعي بأحكام الشرع في هذه المسألة. وقد وردت نصوص شرعية واضحة تحثّ على التفريق بين الأولاد في المضاجع، وهو ما يفتح الباب للتساؤل: هل يجوز للابن البالغ أن ينام بجوار أمه في فراش واحد؟ وما الضوابط الشرعية لذلك؟
في هذه المقالة سنتناول المسألة بتفصيل فقهي مستند إلى الأحاديث النبوية وأقوال الفقهاء، مع مناقشة الأسباب الشرعية والحِكم التربوية، وبيان الضوابط التي ذكرها العلماء، حتى تكون الصورة واضحة للأسر المسلمة.
-
النص الشرعي الأساس في المسألة
روى أبو داود عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع».
قال الألباني: حسن صحيح.هذا الحديث أصل في وجوب التفريق بين الأبناء في المضاجع ابتداءً من سن العاشرة، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، إخوة أو أخوات، أو حتى بينهم وبين الوالدين، وذلك حذرًا من الفتنة ووقوع المحظور.
-
أقوال العلماء في حكم نوم الابن بجوار أمه بعد العاشرة
مذهب الحنفية
قال ابن عابدين في رد المحتار:
"إذا بلغ الصبي عشراً لا ينام مع أمه وأخته وامرأة، إلا بامرأته أو جاريته".
وذلك لأن الصبي في هذا السن يبدأ في إدراك أمور الجماع، وقد تهيج شهوته أثناء النوم، فيُخشى من وقوع محرم.
2. مذهب الشافعية
قال النووي في روض الطالب:
"ويجب التفريق بين ابن عشر وأبويه وإخوته في المضجع".
فالشافعية أيضًا شددوا على منع نوم الابن بجوار أمه بعد العاشرة.
3. أقوال المالكية والحنابلة
- جاء في حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني:
"وأما رجل وأنثى فلا شك في حرمة تلاصقهما تحت لحاف ولو بغير عورة، ولو من فوق حائل حيث كانا بالغين".
- ونقل الزركشي أن الأصح هو التفريق في الفراش حتى لا يحدث أي تلاصق أو فتنة.
ضوابط العلماء في حال الاضطرار للنوم في فراش واحد
ذكر الفقهاء أنه في حال الضرورة أو ضيق المكان، قد ينام الابن بجوار أمه ولكن بشروط صارمة، منها:
1. ألا يكون هناك تلاصق بالأجساد.
2. ألا يكون أحدهما مكشوف العورة.
3. أمن الفتنة بشكل كامل.
- جاء في حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني:
-
الحكمة التربوية والشرعية من التفريق في المضاجع
- سد الذرائع: الإسلام يحمي الفطرة ويمنع أسباب الفتنة قبل وقوعها.
- التربية على الاستقلالية: تخصيص فراش لكل فرد يعزز الاستقلال والثقة بالنفس.
- غرس الحياء: التفريق في المضاجع يزرع في الأبناء قيمة الحياء التي هي من الإيمان.
- منع الانحرافات: في ظل الانفتاح الإعلامي والمعرفة المبكرة بأمور الجنس، يصبح التفريق ضرورة لحماية الأبناء.
- سد الذرائع: الإسلام يحمي الفطرة ويمنع أسباب الفتنة قبل وقوعها.
-
أسئلة شائعة حول نوم الأبناء مع الأمهات
هل يجوز نوم الطفل بجوار أمه قبل سن العاشرة؟
نعم، يجوز، لكن يُستحب تدريبه تدريجيًا على الاستقلال في النوم منذ الصغر.
ماذا لو لم يكن للأسرة إلا غرفة واحدة؟
في هذه الحال، يجب تخصيص فرش مستقلة، ووضع حواجز أو فواصل بين الأبناء والأمهات أو الإخوة والأخوات.
هل الحكم خاص بالذكور فقط؟
لا، الحكم يشمل الذكور والإناث، فالتفريق في المضاجع واجب للجميع بعد سن العاشرة.
هل يجوز نوم الابن البالغ بجوار أبيه؟
قال بعض الفقهاء بوجوب التفريق حتى بين الابن وأبيه؛ لأن العلة واحدة وهي الخوف من الفتنة ورفع العورات.
-
الخلاصة
- الأصل الشرعي: لا يجوز للابن البالغ أو من بلغ العاشرة أن ينام بجوار أمه في فراش واحد.
- الأحوط: تخصيص فراش مستقل لكل فرد من أفراد الأسرة.
- الضرورة: إذا اضطرت الأسرة، فيجب مراعاة الضوابط الشرعية التي تمنع الفتنة.
- الحكمة: حماية الفطرة، وصيانة الأسرة، وغرس قيم الحياء والتربية السليمة.
- الأصل الشرعي: لا يجوز للابن البالغ أو من بلغ العاشرة أن ينام بجوار أمه في فراش واحد.