قصة السامري في القرآن الكريم والروايات الإسرائيلية
قصة السامري في القرآن الكريم والروايات الإسرائيلية بتفاصيلها الكاملة: كيف أضل بني إسرائيل بعبادة العجل، وما ورد في الآيات القرآنية والتفاسير المختلفة، مع بيان العبر والدروس وأقوال العلماء حول الروايات.

-
مقدمة
من القصص البارزة التي ذكرها القرآن الكريم في سياق رحلة بني إسرائيل مع نبيهم موسى عليه السلام، قصة السامري الذي أضل قومه بعد أن أنجاهم الله من فرعون. وقد وردت تفاصيل هذه القصة في سورة طه بشكل أساسي، كما وردت بعض الروايات الإسرائيلية التي حاولت تفسير شخصية السامري ومكانته. هذه المقالة تستعرض القصة من مصادرها القرآنية أولاً، ثم تنقل أهم ما ورد في الروايات الإسرائيلية، مع التحليل والمقارنة وبيان أقوال العلماء والدروس المستفادة.
-
السامري في القرآن الكريم
الآيات المتعلقة بالسامري
قال الله تعالى في سورة طه:
﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾ [طه:85].
﴿فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَٰذَا إِلَٰهُكُمْ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ﴾ [طه:88].
﴿قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ [طه:95-96].
﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾ [طه:97].
تفاصيل القصة
بعد أن ذهب موسى عليه السلام لمناجاة ربه أربعين ليلة على جبل الطور، استغل السامري غيابه وقام بصياغة عجل من ذهب على هيئة جسد يُصدر صوتًا كصوت البقر. فادعى أن هذا هو إله بني إسرائيل وإله موسى. انخدع كثير منهم وعبدوه. وعندما عاد موسى غاضبًا أخذ بلحية أخيه هارون عليه السلام يعاتبه، فبرر هارون أنه بذل جهده في منعهم لكنهم كادوا يقتلوه. وعند مواجهة السامري اعترف أنه قبض قبضة من أثر فرس المَلَك (الرسول) فألقاها على الذهب، فصار له خوار. عندها عاقبه موسى بالعزلة والنبذ، وأمر بتحريق العجل ونسفه في البحر.
-
شخصية السامري في التفسير
ذكر المفسرون عدة آراء عن شخصية السامري:
- قيل إنه رجل من بني إسرائيل يُدعى موسى بن ظفر.
- وقيل إن اسمه ميخا.
- ونُسب إلى قبيلة تُسمى سامرة.
واتفقوا على أنه كان منافقًا ماكرًا، استغل بساطة قومه ليضلهم.
- قيل إنه رجل من بني إسرائيل يُدعى موسى بن ظفر.
-
الروايات الإسرائيلية حول السامري
دخلت في بعض كتب التفسير روايات منقولة عن بني إسرائيل، منها ما يلي:
1. أن السامري كان طفلاً رباه جبريل عليه السلام في كهف، وكان يراه ويميزه عن غيره.
2. أن فرس جبريل حينما مر أمامه في شق البحر عند نجاة بني إسرائيل، أخذ السامري من أثر حافر الفرس، فكان له أثر عجيب.
3. أنه المسيح الدجال أو مقدمة له، وهذه رواية غير صحيحة ولا تثبت.
4. أن السامري لم يكن من بني إسرائيل، بل كان من قوم آخرين اندسّ بينهم.
-
أقوال العلماء في الروايات الإسرائيلية
- قال ابن كثير: أكثر هذه الأخبار من الإسرائيليات التي لا دليل عليها، ولا يعتمد عليها إلا إذا وافقت ما عندنا.
- وذكر الطبري أن رواية تربية جبريل للسامري لا أصل لها في نصوصنا.
- وأكد القرطبي أن القول بأن السامري هو المسيح الدجال قول باطل لا دليل عليه.
- وبيّن العلماء أن منهج التعامل مع هذه الروايات هو: "لا نصدقها ولا نكذبها"، إلا إذا خالفت القرآن أو ثبت ضعفها.
- قال ابن كثير: أكثر هذه الأخبار من الإسرائيليات التي لا دليل عليها، ولا يعتمد عليها إلا إذا وافقت ما عندنا.
-
الفرق بين الرواية القرآنية والإسرائيلية
- القرآن الكريم أعطانا صورة واضحة عن السامري: رجل ضال أضل قومه، وصنع لهم عجلاً من ذهب له صوت، وعوقب بالعزلة والنبذ، وسيحاسبه الله يوم القيامة.
- الروايات الإسرائيلية أضافت تفاصيل غير مؤكدة مثل تربيته على يد جبريل أو علاقته بالدجال، وهي أمور لا تقوم عليها عقيدة.
- القرآن الكريم أعطانا صورة واضحة عن السامري: رجل ضال أضل قومه، وصنع لهم عجلاً من ذهب له صوت، وعوقب بالعزلة والنبذ، وسيحاسبه الله يوم القيامة.
-
الدروس المستفادة من قصة السامري
1. خطورة اتباع الأهواء والشبهات دون برهان.
2. أهمية الثبات على التوحيد حتى في غياب القائد أو المربي.
3. أن الانحراف العقائدي قد يقوده أشخاص ماكرون من داخل المجتمع نفسه.
4. وجوب الرجوع إلى الحق وإنكار الباطل مهما كان مزيّناً.
5. ضرورة الحذر من الروايات غير الموثوقة والاعتماد على الوحي الصحيح.
-
خاتمة
قصة السامري تكشف لنا أن الانحراف عن الحق لا يحتاج إلا إلى لحظة غياب عن التوجيه الصالح، وأن الباطل قد يتجمل بصورة خادعة فيغوي الناس. وقد فصل القرآن القصة بالقدر الذي يحقق العبرة، وترك ما وراء ذلك بلا تفصيل، ليبقى التركيز على الموعظة لا على الأسماء والأحداث الجانبية. أما ما ورد في الروايات الإسرائيلية، فمجرد زيادات لا تصلح أن تبنى عليها عقيدة أو حكم شرعي.
وبذلك تبقى القصة درسًا خالدًا لكل جيل: الثبات على التوحيد هو عصمة الأمة من الضلال، مهما حاول المبطلون أن يزينوا الباطل بصورة الحق.
تمت إضافة قسم أقوال العلماء في الروايات الإسرائيلية لزيادة المصداقية العلمية، مع توضيح منهج التعامل معها وبيان الصحيح من الضعيف.