الأحكام المتعلِّقة بصلاة المرأة في المسجد
تناولت المقالة الأحكام الفقهيَّة المتعلِّقة بصلاة المرأة في المسجد وفقًا لأحكام الشَّريعة الإسلاميَّة بدءًا من مشروعيَّة صلاة المرأة في المسجد وأنَّ صلاتها في منزلها أفضل مع ذكر الآداب الَّتي ينبغي التزامها في المسجد، وأنَّ المتزوِّجة ينبغي عليها استئذان زوجها، وختمت بجواز صلاة المرأة الجمعة في المسجد مع ذكر الدَّليل الشَّرعيِّ بالتَّفصيل.
جدول المحتويات
- هل يجوز للمرأة أن تصلِّي في المسجد؟ وما الدَّليل على ذلك؟
- هل صلاة المرأة في المسجد أفضل أم في البيت؟ وما الدَّليل على ذلك؟ وما الحكمة منه؟
- ما هي الشُّروط الَّتي يجب أن تلتزم بها المرأة عند الصَّلاة في المسجد؟ وما الأدلَّة عليها؟
- هل يجب على المرأة الحصول على إذن زوجها للصَّلاة في المسجد؟ وما الدَّليل على ذلك؟
- هل يجوز للمرأة أن تصلِّي صلاة الجمعة في المسجد؟
- أهمَّ الآداب الَّتي ينبغي للمرأة اتِّباعها عند حضور صلاة الجمعة:
- الحكمة من عدم وجوب صلاة الجمعة على النِّساء:
-
هل يجوز للمرأة أن تصلِّي في المسجد؟ وما الدَّليل على ذلك؟
يرى العلماء أنَّه يجوز للمرأة أن تصلِّي في المسجد، ولا مانع من ذلك،
والدَّليل على ذلك:
ما رُوِي عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنَّه قال: قال رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-:
«لا تَمْنَعُوا إماءَ اللَّهِ مَساجِدَ اللَّهِ» (رواه البخاري ومسلم).
-
هل صلاة المرأة في المسجد أفضل أم في البيت؟ وما الدَّليل على ذلك؟ وما الحكمة منه؟
كما ذكرنا أنَّه يجوز للمرأة أن تصلِّي في المسجد لحديث:
(لا تَمْنَعُوا إماءَ اللَّهِ مَساجِدَ اللَّهِ)،إلَّا أنَّ صلاتها في بيتها أفضل من المسجد،
ودليل ذلك:
· أنَّه قد ورد في بعض طرق هذا الحديث وغيره في سنن أبي داود وصحَّحه ابن خزيمة، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا:
«لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ».· ولأحمد (بإسنادٍ حسن) والطَّبراني، عن أمّ حميد السَّاعديَّة: " أنَّها جاءت إلى النَّبيِّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-، فقالت: إنِّي أحبَّ الصَّلاة معك، قال:
(قد علِمْتُ أنَّك تُحِبِّينَ الصَّلاةَ معي وصلاتُك في بيتِك خيرٌ مِن صلاتِك في حجرتِك وصلاتُك في حجرتِك خيرٌ مِن صلاتِك في دارِك وصلاتُك في دارِك خيرٌ مِن صلاتِك في مسجدِ قومِك وصلاتُك في مسجدِ قومِك خيرٌ مِن صلاتِك في مسجدي).
وبناءً على ذلك فإنَّ صلاة المرأة في بيتها تُعَدُّ أفضل وأعظم أجرًا، كما قال النَّبيُّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-:
«وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» (رواه أبو داود).والحكمة من تفضيل صلاة المرأة في البيت:
لأنَّ صلاتها في البيت أخفى وأبعد عن النَّاس وذلك أفضل لما فيه من تحقُّق الأمن من الفتنة، وخاصَّةً بعد ما أحدثته النِّساء من إظهار للزِّينة.
-
ما هي الشُّروط الَّتي يجب أن تلتزم بها المرأة عند الصَّلاة في المسجد؟ وما الأدلَّة عليها؟
وبمعنًى آخر: ما هي آداب صلاة المرأة في المسجد؟
أوَّلاً: عدم التَّطيُّب (التَّعطُّر):
ودليل ذلك:
· ما رُوِي عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أنَّ رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال: «لا تَمنعوا إِمَاءَ اللهِ مساجدَ اللهِ وليَخرُجنَ تَفِلاتٍ».
(والتَّفِلَة معناها: المرأة الَّتي لا تتعطَّر ولا تتزيَّن).
وإنَّما أُمِرْنَ بذلك ونُهِيْنَ عن التَّطيُّب لِئَلَّا يُحَرِّكْنَ الرِّجَالَ بِطِيْبِهِنَّ، ويُلحَق بالطِّيب ما في معناه من المحرِّكات لداعي الشَّهوة (كَحُسن المَلْبَس، والتَّحلِّي الَّذي يظهر أثره، والزِّينة الفاخرة).· وعنه -رضي اللَّه عنه- أنَّ رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال:
«أيُّما امرأةٍ أصابَتْ بُخُورًا، فلا تشهدْ معنا العشاءَ الآخِرَةَ».· وعنه أيضًا أنَّ رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال:
«إذا خرجتِ المرأةُ إلى المسجدِ، فلْتغتسلْ من الطِّيبِ، كما تغتسلُ من الجنابةِ».· وعن زينب الثَّقفيَّة: أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال:
«أيَّتكنَّ خرجت إلى المسجد فلا تقربن طيِّبًا».·
ثانيًا: الالتزام بالحجاب الشَّرعيِّ وترك الزِّينة:
يجب على المرأة أن ترتدي الحجاب الشَّرعيَّ الكامل الَّذي يستر جميع بدنها، ويكون فضفاضًا لا يَصِفُ ولا يَشِفُّ.
ودليل ذلك:
· قوله تعالى:
"وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"· جاء في الأثر أيضًا عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنَّها قالت:
(كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ، ما يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ).
ومعنى ذلك أنَّهنَّ كنَّ مُستَتِراتٍ بثيابهنَّ حتَّى أنَّ المرء لا يكاد يراهُنَّ في ظلمة اللَّيل.·
ثالثًا: سرعة الانصراف بعد الانتهاء من الصَّلاة:
ودليل ذلك:
ما رُوِي عن أم سلمة -رضي اللَّه عنها- قالت:
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، وَيَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ).
أي كان -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- ينتظر قليلاً ريثما تنصرف النِّساء فلا يحصل الاختلاط بين الرِّجال والنِّساء.
ومن الآداب أن تلتزم المرأة جانب الطَّريق وتتجنَّب وسطه.
رابعًا: التَّأخُّر في الصَّفِّ:
ودليل ذلك:
ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم:
(خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا).
خامسًا: عدم تخطِّي الرِّقاب:
وهذا من الشُّروط المطلوبة لكلّ من الرَّجل والمرأة في المسجد،
ودليل ذلك:
عن أبي صالح الزَّاهريَّة قال كنت جالسًا مع عبد اللَّه بن بسر يوم الجمعة فجاء رجلٌ يتخطَّى رقاب النَّاس ورسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- يخطب فقال:
(اجلسْ، فقد آذَيتَ وآنَيتَ).(معنى آنَيتَ: أبطأت في المجيء، وأخَّرته عن أوانه).
سادسًا: عدم رفع الصَّوت في المسجد أو الكلام أثناء خطبة الإمام:
فعن أبي هريرة قال: سمعت النَّبيَّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- يقول:
(إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ؛ فَقَدْ لَغَوْتَ).(معنى لَغَوْتَ: انشغلْتَ عن الخُطبة فَذهَب أَجرُك).
سابعًا: الصَّلاة في المكان المخصَّص للنِّساء:
فإذا كان المسجد يحتوي على مكان مخصَّص للنِّساء، فينبغي عليها أن تصلِّي فيه، تجنُّبًا للاختلاط.
-
هل يجب على المرأة الحصول على إذن زوجها للصَّلاة في المسجد؟ وما الدَّليل على ذلك؟
يجب على المرأة المتزوِّجة أن تستأذن من زوجها للصَّلاة في المسجد، ولا يحلُّ لها الخروج من بيتها إلَّا بإذن زوجها؛ فطاعة الزَّوج في المعروف واجب عليها، وصلاتها في المسجد أمر مستحبّ، فتُقدَّم طاعة الزَّوج على الصَّلاة في المسجد.
ولكن يستحبُّ للزَّوج ألَّا يمنع زوجته من الذَّهاب إلى المسجد، طالما أنَّه يأمن المفسدة عليها.
ودليل ذلك:
· روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-، عن النَّبيِّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-، قال:
(إذا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أحَدِكُمْ إلى المَسْجِدِ فلا يَمْنَعْها).
وفي لفظ:
(لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ).· وروى أبو داود في سننه عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أنَّ رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-، قال:
(لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ) -أي غير متطيِّباتً-.· وجاء في شرح صحيح مسلم للنَّوويِّ:
(ويستحبَّ للزَّوج أن يأذن لها إذا استأذنته إلى المسجد للصَّلاة إذا كانت عجوزًا لا تُشتَهى، وأَمِن المفسدة عليها وعلى غيرها، فإن منعها لم يَحرُم عليه).بناء عليه: يجب على المتزوِّجة أن تستأذن زوجها قبل الخروج إلى المسجد، وله أيضًا منعها من الخروج أو الإذن لها، والأولى عدم منعها.
-
هل يجوز للمرأة أن تصلِّي صلاة الجمعة في المسجد؟
يجوز للمرأة أن تصلِّي صلاة الجمعة في المسجد لكن اختلف الفقهاء فيما بينهم بين الإباحة والإكراه مع اشتراط أمن الفتنة في المرأة، ونفصِّل في ذكر أقوالهم:
أقوال الفقهاء:
اختلف الفقهاء فيما بينهم في حكم حضور النِّساء لصلاة الجمعة على أقوال أربعة:
فالحنفيَّة يرون أنَّ:
· الأفضل أن تصلِّي المرأة في بيتها ظهرًا، سواءً كانت عجوزًا أو شابَّةً، لأنَّ الجماعة لم تُشرَع في حقِّها.
المالكيَّة قالوا:
· إن كانت المرأة عجوزًا انقطع منها إِرْبُ الرَّجل جاز لها أن تحضر الجمعة، وإلَّا كُرِهَ لها ذلك،
· فإن كانت شابَّةً وخِيْفَ من حضورها الافتتان بها في طريقها أو في المسجد، فإنَّه يَحرُم عليها الحضور دفعًا للفساد.
الشَّافعيَّة قالوا:
· يكره للمرأة حضور الجماعة مطلقًا في الجمعة وغيرها إن كانت مُشتَهاةً، ولو كانت في ثيابٍ رثَّةٍ، ومثلها غير المُشتَهاة إن كانت تزيَّنت أو تطيَّبت،
· فإن كانت عجوزًا وخرجت في أثوابٍ رثَّةٍ، ولم تضع عليها رائحةً عطريَّةً، ولم يكن للرِّجال فيها غرضٌ؛ فإنَّه يَصِحُّ لها أن تحضر الجمعة دون كراهةٍ؛
· على أنَّ كلَّ ذلك مشروط بشرطين:
الأوَّل: أن يأذن لها وليِّها بالحضور، سواءً كانت شابَّةً أو عجوزًا، فإن لم يأذن حُرِّمَ عليها.
الثَّاني: ألَّا يُخشَى من ذهابها للجماعة افتتان أحدٍ بها، وإلَّا حُرِّمَ عليها الذَّهاب.
الحنابلة قالوا:
· يباح للمرأة أن تحضر صلاة الجمعة، بشرط أن تكون غير حسناء؛
· أمَّا إن كانت حسناء، فإنَّه يُكرَه لها الحضور مطلقًا.
الأدلَّة:
أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال:
"الجمعةُ حقٌّ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ في جماعةٍ إلاَّ أربعةً: عبدٌ مملوكٌ أوِ امرأةٌ أو صبيٌّ أو مريضٌ".
يُفهَم من هذا الحديث أنَّ الجمعة ليست واجبةً على المرأة، ولكن يجوز لها حضورها.
وإذا حضرتها تسقط عنها صلاة الظُّهر.
-
أهمَّ الآداب الَّتي ينبغي للمرأة اتِّباعها عند حضور صلاة الجمعة:
1. الالتزام بالآداب الشَّرعيَّة الَّتي سبق ذكرها، مثل الحجاب الشَّرعيِّ وعدم التَّطيُّب.
2. الوصول إلى المسجد مبكِّرًا لتجنُّب الازدحام والحصول على مكان مريح.
3. الاستماع إلى خطبة الجمعة باهتمام، لأنَّ الخطبة جزء مهمّ من صلاة الجمعة.
4. الصَّلاة في المكان المخصَّص للنِّساء إنَّ وجد، والالتزام بالهدوء واحترام أجواء العبادة.
-
الحكمة من عدم وجوب صلاة الجمعة على النِّساء:
أنَّ الشَّرع يرغب في عدم حضور المرأة محافل الرِّجال، وأماكن تجمُّعاتهم؛ لما قد يؤدِّي إليه ذلك من أمور لا تحمد عقباها، كما هو واقع الآن بكثرة في أماكن العمل الَّتي يختلط فيها الرِّجال بالنِّساء وفي صلاة الجمعة يوجد الكثير من الرِّجال لأنَّها واجبة في حقِّهم.
تنبيه هام:
إنَّ محتويات هذه المقالة خاصَّةً بموقع مؤمنة الإلكترونيِّ، ولا نجيز لأحد أخذها أو الاقتباس منها دون الإشارة لرابطها في موقعنا ولا نسامح على سرقة تعبنا فيها؛ نظرًا للوقت والجهد المبذولين فيها وحفاظًا على الحقوق العلميَّة لمحتوى موقعنا.