دعاء ليلة الزفاف (الدخلة) وبيان فضله وأحكامه الشرعية

الزواج في الإسلام هو ميثاق غليظ يربط بين الزوجين على أساس المودة والرحمة والسكن، وقد شرع الله تعالى لهذا العقد المبارك من الآداب والأذكار ما يعين على تحقيق مقاصده العظيمة. ومن أبرز ما ورد في السنة النبوية الشريفة الدعاء المشروع في ليلة الزفاف أو ما يُعرف بالدخلة، وهو دعاء جامع يفتح أبواب البركة، ويستجلب الخير، ويدرأ الشر، ويهيئ الحياة الزوجية على أسس من الطاعة والرضا.

قال الله تعالى:

﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

ورد عن النبي ﷺ أنه قال:
«إِذَا تَزَوَّجَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا، وَلْيَدْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ»
– رواه أبو داود وصححه الألباني.

• يُستحب أن يُقال عند دخول الزوج على زوجته ليلة البناء، بعد أن يضع يده على مقدمة رأسها (ناصيتها).
• يمكن أن يُقال بصوت مسموع أو سراً، فإن خشي أن تستوحش الزوجة أو تخاف كان الإسرار أولى.

هذا الدعاء النبوي يحمل معاني عظيمة:

1.   طلب الخير: يسأل الزوج الله تعالى أن يرزقه خير زوجته في دينها ودنياها، وخير ما خلقها الله لأجله.

2.   الاستعاذة من الشر: يستعيذ بالله من كل شر قد يظهر منها في قول أو فعل أو خُلق.

3.   تحقيق البركة: الدعاء يربط الحياة الزوجية بذكر الله منذ بدايتها، فيكون مدعاة للبركة والطمأنينة.

قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار:

"الحديث فيه استحباب الدعاء بما تضمنه عند الزواج، وهو دعاء جامع؛ لأنه يجلب الخير ويدفع الشر، ويحقق النفع للزوجين."

ورد عن بعض السلف استحباب أن يُصلي الزوج بزوجته ركعتين قبل الدخول، ويدعوان الله بعدهما بالبركة.

• روى أبو سعيد مولى بني أسيد أنه قال: "تزوجت وأنا مملوك، فدعوت أصحاب النبي ﷺ، فقالوا: إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ثم سل الله خيرها وتعوذ من شرها".
• لم يثبت هذا الفعل عن النبي ﷺ نفسه، لكنه ورد عن الصحابة، ولذلك اعتبره العلماء من المستحبات.
• تُصلى الركعتان جماعة: الزوج إماماً والزوجة خلفه، ويُدعى بعد الصلاة بالبركة والخير.

بالإضافة إلى الدعاء السابق، وردت أدعية أخرى يُسن أن يقولها الزوجان:

1.   دعاء الجماع:
«بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا»
– رواه البخاري ومسلم.

هذا الدعاء سبب في حفظ الذرية من وساوس الشيطان.

2.    الدعاء بالبركة:
«اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي فِي أَهْلِي وَبَارِكْ لَهُمْ فِيَّ، اللَّهُمَّ اجْمَعْ بَيْنَنَا مَا جَمَعْتَ فِي خَيْرٍ، وَفَرِّقْ بَيْنَنَا إِذَا فَرَّقْتَ إِلَى خَيْرٍ»
– رواه الطبراني.

3.    دعاء عام بالخير: يمكن للزوج أن يدعو بما أحب من الأدعية الطيبة، مثل أن يسأل الله الذرية الصالحة، وحسن العشرة، والتوفيق للطاعة.

• بينت دار الإفتاء المصرية أن الدعاء ليس خاصاً بالزوج، بل للزوجة أن تدعو بمثله أيضاً، فالبركة مطلوبة للطرفين.
• كما أن للزوجة أن تشارك زوجها في صلاة الركعتين، وأن تدعو الله أن يبارك لها في زوجها.

1.   جلب الطمأنينة: يبدأ الزوجان حياتهما بالذكر والدعاء، فيسكن القلب وتزول الوحشة.

2.   تحقيق مقاصد الزواج: الدعاء يعزز معاني المودة والرحمة التي أرادها الله في الزواج.

3.   البركة في الذرية: دعاء الجماع يحفظ النسل من وساوس الشيطان، ويكون سبباً في صلاح الأولاد.

4.   الوقاية من الخلافات: بدء الحياة الزوجية بذكر الله يجعل العلاقة قائمة على أساس روحي متين.

• الدعاء المشروع في ليلة الزفاف هو: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ.
• يُقال عند دخول الزوج على زوجته، ويُستحب أن يضع يده على رأسها.
• من السنة أيضاً صلاة ركعتين والدعاء بعدهما بالخير والبركة.
• للزوجة أن تشارك في الدعاء والصلاة، وليس الأمر خاصاً بالزوج وحده.
• هذه الأذكار تحقق مقاصد الزواج في السكن والمودة والرحمة، وتكون مفتاحاً لحياة زوجية مباركة.