الاستعاذة والبسملة في التجويد
تعرف على أحكام الاستعاذة والبسملة عند تلاوة القرآن الكريم: تعريفهما، صيغ الاستعاذة، حكمها، الجهر والإسرار بها، حكم البسملة وأوجهها بين السور، مع التفصيل في اختلاف العلماء وبيان الروايات المتواترة."

جدول المحتويات
-
مقدمة
أحكام الاستعاذة والبسملة القرآن الكريم كتاب الله العزيز، الذي أنزله هدىً ورحمة للعالمين، وقد أمر الله تعالى بقراءته بتدبّر وخشوع، وفق ضوابط التجويد التي تضبط مخارج الحروف وصفاتها وتُجمّل التلاوة. ومن أبرز هذه الضوابط التي يستفتح بها القارئ تلاوته: الاستعاذة والبسملة، وهما سنتان عظيمتان تعكسان روح الأدب مع الله عز وجل، والتهيؤ لمناجاة كلامه.
قال تعالى:
﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98].
هذه الآية أصل في مشروعية الاستعاذة قبل التلاوة، لتكون بداية القارئ محصّنة من وساوس الشيطان، مقرونة بذكر الله عز وجل.
-
الاستعاذة
تعريفها ومعناها
الاستعاذة في اللغة: الالتجاء والاعتصام.
أما في الاصطلاح: فهي الالتجاء إلى الله والتحصّن به من الشيطان الرجيم، وطلب العصمة من وساوسه ونزغاته ونفثه.صيغ الاستعاذة
وردت للاستعاذة عدة صيغ صحيحة، منها:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
- أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
وقد ورد في السنة أن النبي ﷺ كان يستعيذ قبل القراءة، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
"كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل كبّر ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك... ثم قال: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، ثم يقرأ."
رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.محل الاستعاذة
تكون الاستعاذة قبل الشروع في التلاوة، وهي ليست آية من القرآن.
حكمها
- ذهب جمهور العلماء إلى أنها مستحبّة ومرغوبة، امتثالاً للأمر القرآني.
- ورأى بعضهم وجوبها لظاهر الآية: ﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ ﴾.
الجهر والإسرار بالاستعاذة
- يجهر بها: إذا كان القارئ يقرأ جهرًا أمام جمع من الناس، أو في افتتاح درس.
- يُسِر بها: إذا كان في الصلاة، أو في تدارس جماعي ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة، أو كان يقرأ منفردًا.
تنبيه مهم
إذا قُطعت التلاوة لعذر اضطراري كسعال أو عطاس، فلا حاجة لإعادة الاستعاذة. أما إذا كان الانقطاع اختياريًا كالكلام أو الانشغال، فيُستحب إعادة الاستعاذة عند العودة للقراءة.
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
-
البسملة
تعريفها ومعناها
البسملة: مصدر قول القارئ "بسم الله الرحمن الرحيم"، وتُسمى أيضًا "التسمية".
ومعناها: الاستعانة وابتداء العمل بذكر اسم الله، طلبًا للبركة والتوفيق.صيغتها
لها صيغة واحدة متفق عليها:
﴿ بسم الله الرحمن الرحيم ﴾.
محلها
- تكون قبل الشروع في القراءة.
- أما بين السور، فقد اختلف العلماء:
- فمنهم من أثبتها بين كل سورتين (عدا الأنفال والتوبة).
- ومنهم من قال: هي مستحبة للفصل.
حكمها
- اتفق العلماء على أن البسملة آية في قوله تعالى:
﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [النمل: 30].
- أما في أوائل السور فوقع الخلاف:
- قيل: هي آية من كل سورة إلا التوبة.
- وقيل: آية مستقلة للفصل والتبرك.
- وقيل: آية من الفاتحة فقط.
- وقيل: ليست آية من أي سورة سوى النمل.
ملاحظات هامة
- لا تُذكر البسملة في أول سورة التوبة.
- إذا ابتدأ القارئ من وسط السورة، جاز له أن يأتي بها أو يتركها (إلا في سورة التوبة، حيث لا تُبسمل).
- تكون قبل الشروع في القراءة.
-
أوجه الاستعاذة والبسملة
أوجه وصل الاستعاذة والبسملة 1. عند افتتاح السورة (ما عدا براءة) أو البدء من وسط السورة مع البسملة: أربعة أوجه
1. قطع الجميع: الوقف على الاستعاذة، ثم البسملة، ثم بدء السورة.
2. وصل الجميع: وصل الاستعاذة بالبسملة ثم بالسورة.
3. وصل الأول والثاني وقطع الثالث: وصل الاستعاذة بالبسملة، والوقف عليها، ثم بدء السورة.
4. قطع الأول ووصل الثاني بالثالث: الوقف على الاستعاذة، ثم وصل البسملة بالسورة.
2. عند افتتاح سورة التوبة أو البدء من وسط السورة بدون بسملة: وجهان
1. وصل الاستعاذة بما بعدها.
2. قطع الاستعاذة عما بعدها.
3. البسملة بين سورتين (عدا الأنفال والتوبة): ثلاثة أوجه
1. الوقف على آخر السورة، ثم البسملة، ثم أول التالية.
2. الوقف على آخر السورة، ثم وصل البسملة بأول التالية.
3. وصل آخر السورة بالبسملة ثم بالسورة التالية.
???? ممنوع: وصل آخر السورة بالبسملة والوقف عليها؛ لأنها وُضعت لأوائل السور لا لأواخرها.
4. البسملة بين الأنفال والتوبة: ثلاثة أوجه
1. وصل آخر الأنفال بأول التوبة مباشرة.
2. الوقف على آخر الأنفال ثم البدء بالتوبة بلا بسملة.
3. السكت (وقف قصير بلا تنفس) بينهما.
-
خاتمة
إنّ الاستعاذة والبسملة ليستا مجرد ألفاظ تُقال في بداية التلاوة، بل هما من آداب القرآن العظيمة التي تعكس الخشوع وحضور القلب، وتُظهر أدب العبد مع ربّه عند الوقوف بين يديه. كما أن معرفة أوجههما وأحكامهما يُعدّ من أساسيات علم التجويد، التي ينبغي لطالب العلم وقارئ القرآن أن يلمّ بها، حتى تكون تلاوته صحيحة موافقة لما ورد عن النبي ﷺ وأئمة القرّاء.