القلقلة في التجويد: تعريفها، مراتبها، أخطاؤها، وكيفية النطق الصحيح بها
تعرّف في هذا المقال التفصيلي على القلقلة في علم التجويد: معناها لغة واصطلاحًا، حروفها، مراتبها، سبب وجودها، أخطاء النطق الشائعة، وتفاوت قوتها بين الحروف. دليل شامل للمبتدئين والمتقدمين لتعلم القلقلة وإتقان أدائها وفق قواعد التلاوة الصحيحة.

-
ما هي القلقلة؟
تعريف القلقلة القلقلة من أهم الصفات الصوتية لحروف معينة في اللغة العربية، وهي صفة لها أثر واضح في تلاوة القرآن الكريم. وهي من الصفات اللازمة التي لا تنفك عن الحرف. وتعني في اللغة: الاضطراب. أما في الاصطلاح التجويدي، فهي: إخراج الحرف المقلقل-حال سكونه-بالتباعد بين طرفي عضو النطق دون أن يصاحبه شائبة حركة من الحركات الثلاث.
-
ما هي حروف القلقلة؟
حروف القلقلة خمسة، مجموعة في كلمة: "قطب جد"، وهي:
- القاف (ق)
- الطاء (ط)
- الباء (ب)
- الجيم (ج)
- الدال (د)
وتقع القلقلة إذا جاءت هذه الحروف ساكنة، سواء كانت السكون أصليًا أو عارضًا للوقف.
- القاف (ق)
-
لماذا تُقلقل هذه الحروف دون غيرها؟
جميع حروف القلقلة تتصف بصفاتين صوتيتين مميزتين:
- الجهر: أي أن الصوت يجري مع انحباس النفس.
- الشدة: أي انحباس الصوت أثناء النطق.
عند اجتماع الجهر مع الشدة في حرف واحد، يصبح من الصعب إبراز الحرف بشكل مسموع وواضح. ولهذا السبب احتاج الأمر إلى إظهار صوت الحرف الساكن عبر صويت خفيف بعد انغلاق المخرج، مما أدى إلى ظهور القلقلة كصفة صوتية مميزة لهذه الحروف.
- الجهر: أي أن الصوت يجري مع انحباس النفس.
-
كيفية نطق القلقلة بشكل صحيح
يُخرج صوت القلقلة في حال السكون بالتباعد بين طرفي عضو النطق، دون أن يصاحب ذلك انفتاحٌ في الفم أو انضمامٌ للشفتين أو انخفاضٌ للفك السفلي. ويجب التنبه إلى أن القلقلة ليست حركة، بل صويت ناتج عن التباعد بعد التصادم.
-
مواضع القلقلة
القلقلة الكبرى تحدث القلقلة في:
- وسط الكلمة مثل: (يقطعون، إبراهيم).
- آخر الكلمة وصلاً ووقفًا مثل: (كسب، لم يلد، الحج).
مثال في الوصل:
"لم يلد ولم يولد"
مثال في الوقف:
"قل أعوذ برب الفلقْ"
- وسط الكلمة مثل: (يقطعون، إبراهيم).
-
مراتب القلقلة
القلقلة الصغرى تتنوع مراتب القلقلة بحسب موضع الحرف وكيفية وقفه عليه. وقد ذكر العلماء عدة تصنيفات لها، منها:
1. القلقلة الكبرى
وهي أوضح مراتب القلقلة، وتكون عند الوقف على حرف مقلقل ساكن، مثل:
"وتبّ" – "أحدْ" – "سريع الحسابْ"
2. القلقلة الصغرى
وتكون عند وقوع الحرف المقلقل في وسط الكلمة أو الكلام، مثل:
"يقطعون" – "قد أفلح"
3. القلقلة المشددة (أو القلقلة الكبرى عند بعضهم)
قال بعض العلماء: إذا كان حرف القلقلة مشددًا موقوفًا عليه، سُمّيت "قلقلة أكبر". لكن الدكتور أيمن رشدي سويد تحفظ على هذا الرأي، وبيّن أن الحرف المشدد مكوّن من حرفين: الأول مدغم لا يقلقل، والثاني فقط هو الذي يقلقل، وبالتالي لا تختلف قوته في القلقلة عن الحرف المخفف.
4. مراتب بحسب قوة الحرف
ذكر المرعشي أن القلقلة لها ثلاث درجات بحسب قوة الحروف:
- أعلى مرتبة: الطاء؛ لأنه مطبق مستعل.
- أوسط مرتبة: القاف؛ لأنه مستعل فقط.
- أدنى مرتبة: الجيم، الباء، الدال؛ لأنها حروف مستقلة.
-
متى تمتنع القلقلة؟
هناك أحوال لا يصح فيها إظهار القلقلة رغم وجود حرف من حروفها، منها:
1. إذا التقى الحرف الساكن بساكن آخر وصلاً، مثل:
"ولقد اصطفيناه"
2. عند الإدغام، مثل:
"أحطت"، "قد تبين"
3. إذا كان الحرف مشددًا موصولًا بما بعده، مثل:
"وتب ما أغنى"
-
الأخطاء الشائعة في نطق القلقلة
أخطاء تحدث أثناء القلقلة من أبرز أنواع اللحن في نطق القلقلة ما يلي:
1. اختلاس حركة من الحرف
أن يُميل القارئ القلقلة إلى إحدى الحركات الثلاث (الفتح، الكسر، الضم)، فيتحول الحرف من ساكن إلى متحرك جزئيًا، وهذا يؤدي إلى لحن وتحريف للمعنى.
مثال:- "قد" تُنطق (قِدْ)
- "خلقنا" تُنطق (خَلَقْنا) بالميل إلى الفتح
2. إضافة همزة بعد الحرف
كأن يُنطق "أحد" هكذا: "أحدء"، فيضيف القارئ همزة ساكنة بعد القلقلة، وهو خطأ.
3. تمطيط صوت القلقلة
مد صوت القلقلة أكثر من اللازم يخرجه عن طبيعته، ويخل بالإيقاع الصوتي الصحيح.
4. إخفاء القلقلة بسبب السكن المجاور
إذا سبق حرف القلقلة أو تلاه حرف ساكن، قد يؤدي ذلك إلى خفوت صوت القلقلة، مثل:
- "القدر"
- "فسق"
5. ضعف إظهار القلقلة في الحروف المتتالية
عند اجتماع حرفين من حروف "قطب جد" في كلمة واحدة، وكان الأول ساكنًا والثاني ساكنًا وقفًا، مثل:
- "رطب"
- "والعبد بالعبد"
- "قد" تُنطق (قِدْ)
-
ضوابط صوت القلقلة الصحيح
المقلقل المشدد - يجب أن يُسمع صوت القلقلة للغير، لا للنفس فقط.
- لا تُقلقل الحروف المتحركة، إلا إذا شبهت بالقلقلة من باب التجاوز البلاغي.
- القلقلة صفة لازمة للحروف، لا تكون صحيحة إلا بإظهار الجهر التام فيها.
- يجب أن يُسمع صوت القلقلة للغير، لا للنفس فقط.
-
خاتمة: القلقلة مهارة صوتية تحتاج إلى تدريب دقيق
إتقان القلقلة أحد المفاتيح الذهبية لتلاوة القرآن الكريم بإحكام، وهو أمر لا يتحقق إلا بالممارسة المستمرة والسماع الواعي لقراء المجوّدين. وتكمن أهميتها في وضوح النطق وسلامة المعنى، خاصة في الوقف والوصل، ولهذا فإن إهمالها أو الخطأ فيها يُعد من ألوان اللحن الجلي أحيانًا.