قصة النبي شيث عليه السلام كاملة – نسبه، حياته

يُعدّ النبي شيث عليه السلام إحدى الشخصيات البارزة في التاريخ الديني، رغم أنه لم يُذكر بالاسم في القرآن الكريم. تروي المصادر التراثية الإسلامية أنه كان ثالث أبناء آدم عليه السلام بعد قابيل وهابيل، وأنه كان نبيًا من أنبياء الله، أوحي إليه بالصحف الإلهية الأولى، وكان خليفة أبيه في النبوة والحكم. وتتناقل كتب التاريخ والحديث والسير قصته وما تميز به من الحكمة والعلم، ودوره في استمرار الرسالة الإلهية على الأرض.

شيث بن آدم، اسمه في اللغة السامية القديمة يعني "هبة الله"، وهو ترجمة لما ورد في بعض الروايات التوراتية والعربية القديمة بأنه وُلد بعد مقتل هابيل، وكان بمثابة التعويض أو العطاء الإلهي لآدم وحواء بعد الفقد المؤلم.
وقد جاء في التكوين 4:25 أن حواء شكرت الله على منحه هذا الولد، معتبرة إياه بديلاً عن هابيل. وفي التراث الإسلامي، رُوي أن آدم وحواء رزقا بشيث بعد حادثة قتل هابيل على يد قابيل، وأن اسمه يعبر عن كونه هدية من الله.

٠تفيد المصادر الإسلامية مثل "الإصابة" و"الكامل في التاريخ" أن شيث عليه السلام وُلد بعد مقتل هابيل بفترة وجيزة، وأنه نشأ في بيت النبوة، فحظي برعاية خاصة من أبيه آدم وأمه حواء. وذكر بعض المفسرين أنه كان توأمًا، وأنه تميز منذ صغره بالصلاح والحكمة.

بعد وفاة آدم عليه السلام، تولى شيث مهمة خلافة أبيه في النبوة والحكم، فكان نبيًا ووصيًا، يقود أبناء آدم ويوجههم لعبادة الله، ويحافظ على الشريعة التي أنزلت على أبيه. وتذكر المصادر التراثية أن آدم قبيل وفاته أوصى ابنه شيث بتعاليم الليل والنهار والعبادات، وحذره من اتباع الشيطان وأعوانه.

عدم ذكره في القرآن الكريم

رغم أن اسمه لم يرد صراحة في القرآن، إلا أن بعض المفسرين ربطوا بينه وبين ما ورد في سورة الأعلى عن "الصحف الأولى" ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ۝١٨ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ۝١٩﴾، حيث نقل بعض العلماء أنه كان من الأنبياء الذين أوتيوا صحفًا.

ذكره في الأحاديث النبوية

وردت إشارات إلى شيث في بعض الأحاديث التي تناولت عدد الأنبياء، ومن بينها حديث أبي ذر الغفاري الذي ذكر أن عدد الأنبياء 124 ألفًا، وأن شيث كان من بينهم. إلا أن كثيرًا من هذه الروايات تحتاج إلى التحقق من صحتها في علم الحديث.

تفيد الروايات الإسلامية أن شيث عليه السلام أُوتي الحكمة والعلم، وأنه كان يعرف موعد الطوفان العظيم، كما علم الناس طريقة أداء الصلاة الليلية. وتشير بعض المصادر إلى أنه تلقى من الله صحفًا تحتوي على أحكام وتشريعات ووصايا، كانت دليلاً للبشر في تلك الحقبة.

تذكر بعض المصادر التراثية مثل "تاريخ الطبري" و"الكامل في التاريخ" أن شيث عليه السلام بنى الكعبة أو جدد بناءها، لتكون أول بيت للعبادة بعد آدم عليه السلام، وأمر أبناءه وذريته بالحفاظ على عبادة الله فيها، بعيدًا عن الشرك والفساد.

بحسب ما ورد في المصادر الإسلامية، عاش شيث عليه السلام 912 عامًا، وكان مقيمًا في مكة معظم حياته، حيث قضى عمره في نشر التوحيد وتعليم الناس الوصايا الإلهية. وبعد وفاته، تولى ابنه أنوش مهمة الحفاظ على الدين والحكم.

من نسل شيث وُلد أنوش، ومن أنوش جاء قينان، ومن بعده حنوخ (النبي إدريس عليه السلام)، ما يدل على أن خط النبوة استمر في ذريته. وقد حمل هؤلاء الأنبياء والرسل وصايا شيث وأحكام الصحف التي أُنزلت عليه.

تصفه الروايات بأنه كان بارًا بوالديه، رحيمًا، حكيمًا، زاهدًا في الدنيا، قوي الإيمان، عارفًا بأمور الدين والعبادة. وكان مثالاً للقيادة الصالحة، جامعًا بين النبوة والحكم.

أشار علماء الحديث إلى أن الكثير مما ورد عن شيث عليه السلام مأخوذ من الإسرائيليات أو الروايات التاريخية غير المسندة، لذلك ينبغي التعامل مع هذه الأخبار بحذر، والاقتصار على ما صح منها أو ما ورد من مصادر موثوقة.

شيث عليه السلام يمثل حلقة وصل مهمة في سلسلة النبوة بعد آدم عليه السلام، إذ تولى حمل الرسالة الإلهية وحافظ على التوحيد، وكان مثالاً للنبي القائد والحكيم. ورغم عدم ذكره صراحة في القرآن الكريم، إلا أن التراث الإسلامي يحفل بالكثير من الأخبار عنه، مما يعكس أهميته في التاريخ الديني.