صفة الهمس في التجويد: تعريفها وأحرفها وتطبيقاتها
مقالة شاملة عن صفة الهمس في التجويد، تعريفها اللغوي والاصطلاحي، أحرفها، متى يكون أوضح، الهمس في الكاف والتاء مع الشدة، والهمس في الفاء، مع أمثلة قرآنية.

-
مقدمة
صفة الهمس يُعَدّ علم التجويد من العلوم الشرعية الصوتية التي تُعنى بصيانة ألفاظ القرآن الكريم وأدائها كما أُنزلت على النبي ﷺ. ومن أركان هذا العلم معرفة صفات الحروف التي تكشف أثر الحرف الصوتي وكيفية نطقه. ومن الصفات اللازمة للحروف التي لها أثر كبير في التلاوة صفة الهمس، وهي ضد صفة الجهر.
-
تعريف الهمس
تعريف الهمس 1. الهمس لغةً
الهمس في اللغة هو الصوت الخفي، ويقال: همس بكلامه إذا تكلّم بصوت منخفض لا يكاد يُسمع. ومنه قوله تعالى:
﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَٰنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طه: 108]
2. الهمس اصطلاحًا
- عند المتقدمين: هو جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على مخرجه.
- عند المحدثين: هو الصوت الذي لا يهتز فيه الوتران الصوتيان عند النطق به.
وقد جمع الشيخ أيمن سويد بين التعريفين فقال:
"الهمس هو الخفاء في السمع نتيجة انفتاح الوترين الصوتيين وعدم اهتزازهما، وجريان كثير من هواء النفس".
- عند المتقدمين: هو جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على مخرجه.
-
أحرف الهمس
أحرف الهمس عشرة، جمعها الإمام ابن الجزري في قوله:
"فحثّه شخص سكت"
وهي: الفاء، الحاء، الثاء، الهاء، الشين، الخاء، الصاد، السين، الكاف، التاء.
وتلازم هذه الصفة حروفها في جميع أحوالها، إلا أن أثرها يكون أوضح عند السكون. -
متى يكون الهمس أوضح؟
يكون أثر الهمس واضحًا عند سكون الحرف، لأن النفس يجري بحرية دون أن يعترضه حركة. أما إذا كان الحرف متحركًا، فإن النفس يمتزج بالصوت، فيضعف أثر الهمس لكنه يظل موجودًا. ولهذا يعتني المقرئون بإظهار الهمس عند الوقف أو عند النطق بالحرف ساكنًا وسط الكلمة.
-
الهمس في الكاف والتاء مع الشدة حال السكون
من الحروف التي يظهر فيها أثر خاص للهمس حرفا الكاف والتاء، لأنهما يجتمعان في صفتين متضادتين: الهمس والشدة.
- الشدة: تمنع جريان الصوت بسبب انحباسه في المخرج.
- الهمس: يسمح بمرور النفس لضعف الاعتماد على المخرج.
وعند النطق بالكاف أو التاء الساكنتين، ينحبس الصوت أولًا بسبب الشدة، ثم ينطلق النفس فقط بسبب الهمس عند انفراج المخرج.
ومن الأمثلة:- الكاف: ﴿وَاكْتُبْ﴾ [الأعراف: 145]
- التاء: ﴿نُمَتِّعْهُمْ﴾ [هود: 48]
- الشدة: تمنع جريان الصوت بسبب انحباسه في المخرج.
-
الهمس في الفاء
حرف الفاء من أوضح حروف الهمس، إذ يخرج من بطن الشفة السفلى مع أطراف الثنايا العليا، ويسمح بمرور كثير من هواء النفس عند النطق به. ويظهر أثره جليًا إذا كان ساكنًا، كما في قوله تعالى:
﴿يَفْقَهُوا﴾ [الأنعام: 65]
وفي التلاوة، يحتاج القارئ إلى الانتباه لجريان النفس فيه دون مبالغة، حتى لا يتحول الهمس إلى زيادة في زمن الحرف. -
الفرق بين الهمس والجهر
الجهر الهمس ضد الجهر؛ ففي الحروف المهموسة يجري النفس لضعف الاعتماد على المخرج، أما في الحروف المجهورة فينحبس النفس لقوة الاعتماد على المخرج واهتزاز الوترين الصوتيين. ومعرفة الفرق بينهما تساعد على التمييز بين الحروف المتشابهة، مثل التاء (مهموسة) والدال (مجهورة).
-
أمثلة قرآنية على الهمس
1. الفاء: ﴿يَفْقَهُوا﴾ [الأنعام: 65]
2. الحاء: ﴿اشْرَحْ﴾ [الشرح: 1]
3. الثاء: ﴿لَبِثْتَ﴾ [طه: 103]
4. الهاء: ﴿أَهْلَكْنَاهَا﴾ [الأنبياء: 95]
5. الشين: ﴿وَالشَّمْسِ﴾ [الشمس: 1]
6. الخاء: ﴿نَخْلُقْكُمْ﴾ [المرسلات: 20]
7. الصاد: ﴿وَاصْبِرْ﴾ [الإنسان: 24]
8. السين: ﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ﴾ [الحجر: 22]
9. الكاف: ﴿وَاكْتُبْ﴾ [الأعراف: 145]
10. التاء: ﴿نُمَتِّعْهُمْ﴾ [هود: 48]
-
خاتمة
صفة الهمس من الصفات الصوتية المهمة في علم التجويد، وهي علامة فارقة في أداء كثير من الحروف، وضبطها يساهم في سلامة النطق القرآني. ويظهر أثرها أوضح ما يكون عند السكون، خصوصًا في حروف مثل الكاف والتاء حيث تجتمع مع الشدة، وفي الفاء حيث يبرز جريان النفس بوضوح. ومعرفة هذه القواعد تطبيقًا ونطقًا تحفظ على القارئ أداءه وتجويده للقرآن الكريم.