دعاء الامتحان والمذاكرة-أدعية صحيحة ونصائح للطلاب

مع اقتراب مواسم الامتحانات يزداد بحث الطلاب عن دعاء المذاكرة والامتحان، رغبةً في التيسير والنجاح. والدعاء بلا شك من أعظم أسباب التوفيق، فهو عبادة وقربة إلى الله عز وجل، لكن المهم أن نتبين ما صح عن النبي ﷺ وما لم يثبت، وأن ندرك أن جوهر الدعاء ليس في الألفاظ وحدها، بل في صدق التوجه القلبي وحسن التوكل على الله.

أجمع العلماء على أنه لا يوجد دعاء مخصوص في السنة للمذاكرة أو الامتحانات، وما يُشاع على أنه "دعاء بدء المذاكرة" مثل:

"اللهم إني أسألك فهم النبيين، وحفظ المرسلين، وإلهام الملائكة المقربين..."

فهذا الدعاء لا أصل له بإسناد صحيح، ولم يروه أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد. وإنما ذكره بعض أهل العلم مثل صاحب كشف الظنون عن ابن كمال باشا، واشتهر على ألسنة الطلاب.

إذن، الطالب له أن يدعو بما ورد في الأحاديث الصحيحة، أو بما يفتح الله عليه من الدعاء، فباب الدعاء واسع، والله عز وجل لا يرد من قصده بصدق.

1. دعاء تيسير الأمور

قال النبي ﷺ:
"اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً"
(رواه ابن حبان وصححه عن أنس رضي الله عنه).

2. دعاء الاستعانة والافتقار إلى الله

كان ﷺ يقول:
"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"
(رواه الترمذي بسند صحيح).

3. دعاء الهداية والتسديد

في صحيح مسلم: قال علي رضي الله عنه: قال لي رسول الله ﷺ:
"قل: اللهم اهدني وسددني".

4. دعاء عند مواجهة الصعوبة أو النسيان

كان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا استشكلت عليه مسألة دعا فقال:
"اللهم يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني"
فكان يزول الإشكال بإذن الله.

قبل المذاكرة

• "رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي".
• "اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علماً".

 أثناء المذاكرة

• "اللهم افتح عليّ فتوح العارفين بحكمتك، وانشر عليّ رحمتك".
• "اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني".

 عند دخول لجنة الامتحان

• "رب ادخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً".
• "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الصعب سهلاً إذا شئت".

 عند تعسر الإجابة أو النسيان

• "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
• "اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع عليّ ضالتي".

 بعد الانتهاء من الامتحان

• "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله".

1.    التقوى والبعد عن المعاصي
قال تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282].

2.    الصبر والمثابرة
قال الشافعي رحمه الله:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي، وأخبرني بأن العلم نور، ونور الله لا يهدى لعاصي.

3.    التركيز والبعد عن الملهيات
تخصيص وقت هادئ بعيد عن الضوضاء يحسن الفهم.

4.    التدرج في الحفظ والفهم
قال الزهري: من طلب العلم جملة فاته، وإنما يدرك العلم حديثاً وحديثين.

5.    ملازمة العلماء وطلاب العلم
فهي وسيلة للفهم الصحيح واستمداد البركة.

6.    النية الصالحة
طلب العلم عبادة، فلا بد أن تكون النية خالصة لله.

الدعاء ليس مجرد صياغة ألفاظ، وإنما حقيقته صدق التوجه القلبي والتوكل على الله. فقد يستجيب الله لعبد دعا بكلمات قليلة لكنها خرجت من قلب صادق، بينما قد يردد آخر أجمل الأدعية بلا خشوع فلا تثمر.

قال تعالى: {ادعوني أستجب لكم} [غافر: 60]، فجعل الاستجابة متعلقة بصدق الدعاء لا ببلاغة الألفاظ.

من رحمة الله عز وجل أنه يعلم ما في قلب عبده حتى لو تعثر لسانه. قال تعالى:
{وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى} [طه: 7].

فقد لا يحسن الطالب صياغة الدعاء، لكن يكفيه أن يرفع قلبه إلى ربه، واثقًا بأن الله يعلم حاجته، ويستجيب له بفضله. ولهذا قال ابن القيم:
"أفضل الدعاء ما جرى على لسان العبد عفوًا عند حاجته وتضرعه وافتقاره."

يتبين لنا أنه لا يوجد دعاء مخصوص في السنة للمذاكرة أو الامتحان، وإنما وردت أدعية صحيحة جامعة يمكن للطلاب الاستعانة بها، مع الجمع بين الأخذ بالأسباب من مذاكرة منظمة وصبر واجتهاد، وبين صدق التوكل على الله الذي يعلم حاجتك قبل أن تنطق بها.

فليكن اعتماد الطالب على الله أولاً، وليدعوه بصدق قلبه، فإن الدعاء سلاح المؤمن، وهو مفتاح الفهم والنجاح، في الدنيا والآخرة.