الاكتحال بالإثمد: تعريفه، فوائده الطبية، وحكمه الشرعي للرجال والنساء

تعرف على كحل الإثمد الذي أوصى به النبي ﷺ، ما هو تعريفه ومصدره وفوائده الطبية للعين والرموش، وما حكم استعماله للرجال والنساء في الفقه الإسلامي مع أقوال العلماء والنصوص الشرعية.

الاكتحال بالإثمد: تعريفه، فوائده الطبية، وحكمه الشرعي للرجال والنساء
الاكتحال بالإثمد للرجال والنساء
  • مقدمة

    الكحل من أقدم وسائل التجميل والعلاج التي عرفها الإنسان، وقد وردت نصوص كثيرة في السنة النبوية تحث على استعمال الإثمد خاصة، لِما له من فوائد صحية وجمالية. وقد اختلف العلماء في حكم استعمال الكحل للرجال: هل هو سنة أم من الزينة الخاصة بالنساء؟ وفي هذا المقال نستعرض التعريف بكحل الإثمد، مصادره، فوائده، والأحكام الفقهية المتعلقة به عند الرجال والنساء، مع ذكر الأدلة وأقوال الفقهاء.

  • تعريف كحل الإثمد ومصدره

    • الإثمد هو نوع من أنواع الكحل، ويُعد أجودها، وهو في الأصل حجر أسود يميل إلى الحمرة، يُسحق ويُستعمل ككحل للعين.
    • يوجد في الحجاز والمغرب وأصبهان، وأجوده ما كان سريع التفتيت، له بريق ولمعان، داخله أملس خالٍ من الأوساخ.
    • قال مرتضى الزبيدي في تاج العروس: "الإثمد حجر الكحل، وهو أسود إلى حمرة، ومعدنه بأصبهان وهو أجوده، وبالمغرب وهو أصلب".
    • وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: "أجود الإثمد ما يؤتى به من أصبهان".
    • أما ابن القيم فذكر في زاد المعاد: "أجودُه السريعُ التفتيتِ الذي لفُتاته بصيصٌ، وداخلُه أملسُ ليس فيه شيء من الأوساخ".
  • النصوص الشرعية في فضل الاكتحال بالإثمد

    وردت عدة أحاديث صحيحة تدل على أن النبي ﷺ كان يكتحل بالإثمد، وأوصى أصحابه بذلك، ومنها:

    1.    حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال:
    «إِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ، يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ»
    رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.

    2.    حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال:
    «اكْتَحِلُوا بِالإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو البَصَرَ ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ»
    رواه الترمذي وصححه الألباني.

    3.    حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:
    «عَلَيْكُم بِالإِثْمِد فَإِنَّهُ مَنْبَتَةٌ للشَّعْرِ ، مَذْهَبَةٌ للقَذَى ، مَصْفَاةٌ لِلْبَصَرِ»
    أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه ابن حجر والمنذري.

    ???? ومعنى "يجلو البصر" أي يحسِّن النظر ويزيد نور العين، و"ينبت الشعر" أي شعر الأهداب.

  • الفوائد الطبية للإثمد

    ذكر الأطباء والعلماء القدامى فوائد كثيرة لكحل الإثمد، ومنها ما أورده ابن القيم في زاد المعاد:

    • يقوي البصر ويحفظ صحة العين.
    • يشد أعصاب العين ويزيل القذى والأوساخ.
    • يدمل القروح ويزيل اللحم الزائد.
    • يمنع الصداع إذا استُعمل مع العسل.
    • إذا خُلط بالشحوم الطرية ونُطخ على الحروق ساعد على شفائها.
    • ينفع خصوصًا كبار السن وضعاف البصر.
    • يُفضل استعماله عند النوم لأنه أنفع للعين وأقوى تأثيرًا.
  • أقوال العلماء في حكم الاكتحال للرجال والنساء

    1. مذهب المالكية

    • جاء في الفواكه الدواني: الاكتحال بالإثمد من زينة النساء، فيجوز لهن من غير ضرورة، ويحرم على الرجال لغير ضرورة استعمال ما هو من زينة النساء.
    • أما الاكتحال بغير الإثمد فيجوز للرجال والنساء.
    • قال مالك في رواية ابن نافع: "ليس الكحل بالإثمد من عمل الناس ولا سمعت فيه بنهي".
    • وفسر الباجي ذلك بأنه من باب اتباع هدي النبي ﷺ وعلماء المدينة.

    2. مذهب الشافعية والحنابلة

    • نصوا على استحباب الاكتحال، وخاصة بالإثمد، بل ذكر السفاريني في غذاء الألباب استحباب الاكتحال بالإثمد قبل النوم.
    • وذكر النووي أن الاكتحال سنة للرجال والنساء.

    3. مذهب الحنفية

    • ورد في الفتاوى الهندية: لا بأس بالإثمد للرجال باتفاق المشايخ.
    • لكنهم كرهوا الكحل الأسود إذا كان القصد به الزينة للرجال.

    4. أقوال المعاصرين

    • الشيخ ابن باز رحمه الله: "لا بأس بالاكتحال للرجال والنساء، وقد كان النبي ﷺ يكتحل".
    • الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فرّق بين نوعين:
      • الاكتحال للعلاج وتقوية البصر: لا بأس به للرجال والنساء.
      • الاكتحال بقصد الزينة: مطلوب للنساء، أما الرجال ففيه نظر، ويُمنع الشاب منه خشية الفتنة، ولا يمنع الكبير.
  • التفريق بين السنة والزينة

    • إذا كان الاكتحال بنية اتباع السنة، أو لأجل العلاج وتقوية البصر، فهو مشروع للرجال والنساء.
    • أما إذا كان بقصد الزينة:
      • للنساء: جائز بشرط أن لا تُظهره أمام الأجانب.
      • للرجال: يُكره إن كان فيه تشبه بالنساء أو قصد به الزينة فقط.
  • هل الاكتحال سنة مطلقة أم خاصة بالإثمد؟

    • من اعتقد أن الاكتحال سنة، فالأكمل أن يكتحل بالإثمد لأنه أفضل الأنواع.
    • وإن لم يجده فاكتحل بغيره، فقد أصاب سنة الاكتحال من حيث الأصل.
    • وقد روى الترمذي أن للنبي ﷺ مكحلة يكتحل بها كل ليلة ثلاثًا في كل عين.
  • الخاتمة

    يتبين مما سبق أن كحل الإثمد نوع خاص من الكحل أوصى به النبي ﷺ لما له من فوائد طبية وصحية، خاصة للعين والرموش. وقد أجمع العلماء على مشروعية استعماله، لكنهم اختلفوا في حكمه للرجال: هل هو مستحب مطلقًا أم مقيد بالعلاج دون الزينة؟ والخلاصة:

    • للنساء: جائز ومستحب خاصة للزينة للزوج، مع المنع من إظهاره للأجانب.
    • للرجال: جائز إذا كان بنية السنة أو العلاج، ويُكره إن قصد به الزينة والتشبه بالنساء.

    وهكذا يجمع الإسلام بين البعد الشرعي والبعد الصحي، حيث جعل من الإثمد زينة نافعة، وسنة نبوية، وعلاجًا طبيعيًا للعين