قوامة الرجل على المرأة في الإسلام
تعرف على معنى قوامة الرجل على المرأة في الإسلام، وأسبابها الشرعية، وحكمها الفقهي، مع بيان السياق التاريخي لنزول آية القوامة في سورة النساء، وأقوال كبار المفسرين مثل الطبري وابن كثير وابن العربي، مع إبراز العلاقة المتوازنة بين الزوجين في الإسلام.

-
مقدمة
الرجال قوامون على النساء تُعدّ قوامة الرجل على المرأة من القضايا الجوهرية التي تناولها القرآن الكريم بالتوضيح والبيان، لما لها من أثر مباشر في بناء الأسرة المسلمة واستقرارها. وقد تناول المفسرون والفقهاء هذه المسألة بدقة، مقررين أن القوامة ليست سلطة تعسفية، وإنما هي تكليف شرعي يقوم على الرعاية، والإنفاق، والتأديب عند الحاجة، مع مراعاة التوازن بين الحقوق والواجبات.
قال الله تعالى:
﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ [النساء: 34]. -
مفهوم القوامة لغة واصطلاحًا
- لغةً: القِوامة من القيام، أي المحافظة والرعاية.
- اصطلاحًا: هي ولاية شرعية جعلها الله للرجل على المرأة في شؤون الأسرة، قائمة على التوجيه والإصلاح والإنفاق، مع حق التأديب إذا لزم الأمر، وفق ضوابط الشرع.
قال الإمام الطبري رحمه الله: "الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن، والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله ولأزواجهن" (تفسير الطبري).
- لغةً: القِوامة من القيام، أي المحافظة والرعاية.
-
أسباب قوامة الرجل على المرأة
بيّن المفسرون أن سبب ثبوت القوامة للرجل يعود إلى أمرين رئيسيين:
1- التفضيل الفطري والخلقي
- امتلاك الرجل قوة جسدية وعقلية تجعله مؤهلاً لتحمل أعباء القيادة.
- اختصاص الرجال بمناصب النبوة والرسالة، والإمامة الكبرى، والقضاء، وإقامة الشعائر، والجهاد.
- قوله تعالى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228].
2- الإنفاق المادي
- وجوب دفع المهر والنفقة على الزوج.
- كفالته المالية للزوجة والأبناء، مما يجعله أقدر على تحمل المسؤولية.
قال ابن العربي: "جعلت القوامة للرجل على المرأة لأجل ثلاثة: كمال العقل، وكمال الدين، وبذل المال" (أحكام القرآن).
- امتلاك الرجل قوة جسدية وعقلية تجعله مؤهلاً لتحمل أعباء القيادة.
-
حدود القوامة وضوابطها الشرعية
القوامة ليست استبدادًا أو ظلمًا، وإنما ضبط شرعي دقيق، يهدف إلى إصلاح الأسرة وحمايتها.
1- طاعة الزوجة لزوجها في المعروف
- إذا أطاعت المرأة زوجها فيما أوجب الله، وجب له عليها النفقة والكسوة والسكنى.
- أما إذا نشزت وخرجت عن طاعته بغير حق، فلا نفقة لها، كما قرر ابن قدامة في المغني.
2- منهج الإصلاح عند نشوز الزوجة
قال الله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ [النساء: 34].
- الوعظ: التذكير بالله والحقوق الشرعية.
- الهجر: ترك مشاركتها الفراش لإشعارها بالخطأ.
- الضرب غير المبرّح: آخر وسيلة، ويشترط أن لا يكون عنفًا مفرطًا، ولا يكسر عظمًا أو يشين جسدًا.
وقد صحّ عن النبي ﷺ قوله: «فاضربوهن ضربًا غير مبرّح» (رواه مسلم).
- إذا أطاعت المرأة زوجها فيما أوجب الله، وجب له عليها النفقة والكسوة والسكنى.
-
السياق التاريخي لنزول آية القوامة
أورد المفسرون عدة روايات في سبب نزول الآية، وإن كان أغلبها مرسلاً أو ضعيفًا، منها:
- رواية الحسن البصري أن رجلاً لطم امرأته، فجاءت إلى النبي ﷺ تطلب القصاص، فنزلت الآية، فبيّن النبي ﷺ أن القوامة جعلها الله للرجل (تفسير الطبري).
- رواية مقاتل: أن الآية نزلت في سعد بن الربيع وامرأته حبيبة بنت زيد، حين نشزت عليه فلطمها.
وبغض النظر عن ضعف هذه الروايات، فإن الآية جاءت بعد الحديث عن الميراث، حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: 32]. فجاءت آية القوامة مكملة لتوضيح التمايز بين الأدوار والوظائف داخل الأسرة.
- رواية الحسن البصري أن رجلاً لطم امرأته، فجاءت إلى النبي ﷺ تطلب القصاص، فنزلت الآية، فبيّن النبي ﷺ أن القوامة جعلها الله للرجل (تفسير الطبري).
-
التوازن بين الحقوق والواجبات
أكد الإسلام على أن العلاقة بين الزوجين قائمة على المودة والرحمة، لا على التسلط والاستبداد.
قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: 19].- المرأة لها حقوق موازية لحقوق الرجل، كما قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228].
- القوامة لا تعني انتقاص المرأة، بل هي تكليف للرجل بمسؤوليات أعظم: النفقة، الحماية، الرعاية، وتحمل أعباء الأسرة.
- جاء الإسلام ليقيم التوازن: "فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا" [النساء: 34].
- المرأة لها حقوق موازية لحقوق الرجل، كما قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 228].
-
خاتمة
يتضح من خلال النصوص الشرعية وأقوال المفسرين أن القوامة في الإسلام تكليف ومسؤولية، وليست امتيازًا مطلقًا. فهي قائمة على التوازن بين حقوق الرجل والمرأة، وعلى مبادئ المودة والرحمة. وقد شرعت لضبط الحياة الأسرية، وحماية المرأة، وصيانة الأسرة من التفكك.
فالزوج مؤتمن على زوجته وأولاده، والقوامة في حقيقتها رعاية وحماية وعدل، وليست استعلاءً أو قهرًا.
قال ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» (متفق عليه).