حكم حضور المرأة حلقات العلم أو الذِّكر في المسجد
تناول المقال حكم حضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد وشروطه وآدابه وأدلَّته وفوائده الرُّوحيَّة والاجتماعيَّة، مع بيان حكم خروج المرأة لهذه الحلقات دون إذن وليِّها زوجًا كان أو أبًا.
جدول المحتويات
- أوَّلاً: ما حكم حضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد؟ وما شروطه؟
- ثانيًا: ما هي آداب حضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد؟
- ثالثًا: ما هي الأدلَّة الشَّرعيَّة لحضور المرأة لحلقات العلم؟
- رابعًا: هل يجب على المرأة الحصول على إذن من وليِّ الأمر لحضور حلقات العلم في المسجد؟
- خامسًا: هل يجوز للفتاة الذَّهاب لدروس العلم دون إذن أهلها إذا منعوها من ذلك؟
- سادسًا: هل يجوز للمرأة المتزوِّجة حضور حلقات العلم دون إذن زوجها؟
- سابعًا: ما هي الفوائد الرُّوحيَّة والاجتماعيَّة لحضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد؟
-
أوَّلاً: ما حكم حضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد؟ وما شروطه؟
· يتعلَّق الجواب على هذا السُّؤال بأمرين:
الأوَّل: حكم خروج المرأة من البيت لحاجة ما.
الثَّاني: حكم ذهاب المرأة إلى المسجد للصَّلاة وما في حكمها.
· أمَّا حكم خروج المرأة من البيت لحاجة ما، فإنَّ الأصل فيه أنَّ المرأة يجوز لها الخروج لقضاء حوائجها من الأمور العامَّة، إلَّا أنَّ ذلك مقيَّدٌ بضوابط سنذكرها.
· وكذلك فإنَّ ذهاب المرأة إلى المسجد للصَّلاة جائزٌ بضوابط، مع أفضليَّة صلاتها في بيتها.
· وعليه فإنَّ خروج المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد جائزٌ على اعتبارها حاجةً دينيَّةً تحتاجها المرأة، وكذلك قياسًا على جواز صلاتها في المسجد فإنَّ حلقات العلم والذِّكر في حكم الصَّلاة.
·
· وشروط جواز حضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد ما يلي:
1- أن يكون هذا الأمر بإذن وليِّها زوجًا كان إن كانت متزوِّجةً، أو أبًا إن كانت بنتًا.
2- وأن تكون في خروجها هذا آمنةً على نفسها من الفتنة أوَّلاً، ومن الاضطرابات الأمنيَّة ثانيًا.
3- وأن تكون محتشمةً بالزِّيِّ الشَّرعيِّ غير متعطِّرةٍ ولا متبرِّجةٍ لئلَّا تفتن الرِّجال.
-
ثانيًا: ما هي آداب حضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد؟
ذكرنا فيما سبق أنَّ جواز حضور المرأة لمجالس العلم والذِّكر مقيَّدٌ بشروط معيَّنة لا بدَّ من اتِّباعها، وبالإضافة إلى الشُّروط السَّابقة نذكر ههنا الآداب الَّتي تساعد في الحفاظ على حرمة المسجد
وتحقيق الفائدة المرجوَّة من حضور حلقات العلم والذِّكر في المسجد وهي الآتي:
1- صدق النِّيَّة يجب أن تكون نيَّة المرأة من حضور حلقات العلم والذِّكر طلب العلم والتَّقرُّب إلى اللَّه تعالى، بعيدًا عن الرِّياء والأغراض الدُّنيويَّة.
2- الحضور في الوقت المحدَّد والالتزام به، وعدم التَّسبُّب في إزعاج الحاضرين بالدُّخول المتأخِّر أو الخروج المبكِّر.
3- على المرأة خفض صوتها والحديث بلباقةٍ عند التَّواصل مع الآخرين في المسجد، وتجنُّب أيِّ كلامٍ غير ضروريٍّ خلال الحلقات.
4- تجنُّب الكلام أو الانشغال بأمور أخرى والتَّركيز على الدَّرس أو الذِّكر، وتجنُّب الانشغال بالمحادثات الجانبيَّة أو استخدام الهاتف المحمول، إلَّا للضَّرورة.
5- الالتزام بالجلوس في الأماكن المخصَّصة للنِّساء وتجنُّب أماكن الرِّجال، وذلك حفاظًا على الخصوصيَّة والرَّاحة للجميع.
ولمعرفة المزيد من الشُّروط والآداب راجع مقالتنا: (الأحكام المتعلِّقة بصلاة المرأة في المسجد).
-
ثالثًا: ما هي الأدلَّة الشَّرعيَّة لحضور المرأة لحلقات العلم؟
تعتبر جميع الأدلَّة الواردة في جواز طلب المرأة للعلم دليلاً شرعيًّا على جواز حضور المرأة لحلقات العلم في المساجد ونورد منها ما يلي:
· ما روي عن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنَّها قالت: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ»، فكانت النِّساء في عهد النَّبيِّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- يُسَارِعْنَ لمجالس رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- ويسألنَ عمَّا يعرض لهنَّ من أمور دينهنَّ.
· وعن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-، أنَّه قال:
«قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ».· وعن أمِّ هشام بنت حارثة بن النُّعمان، قالت:
«لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاحِدًا، سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ، وَمَا أَخَذْتُ ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، إِذَا خَطَبَ النَّاسَ»،
قال الإمام النَّووي: قولها: (كَانَ تَنُّوْرُنَا وَتَنُّوْرُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاحِدًا) إشارةً إلى حفظها ومعرفتها بأحوال النَّبيِّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- وقربها من منزله.وغير ذلك من الأدلَّة الكثيرة الَّتي تدلُّ على جواز حضور المرأة لمجالس العلم والذِّكر في المساجد.
-
رابعًا: هل يجب على المرأة الحصول على إذن من وليِّ الأمر لحضور حلقات العلم في المسجد؟
ذكرنا أنَّ الخروج لحضور دروس العلم يشبه الخروج لحاجة أو للصَّلاة في المسجد وكلٌّ من الأمرين لا بدَّ فيه من إذن الوليِّ، زوجًا كان أو أبًا.
-
خامسًا: هل يجوز للفتاة الذَّهاب لدروس العلم دون إذن أهلها إذا منعوها من ذلك؟
لا شك أنَّ حضور مجالس العلم ممَّا يساعد المرأة على التَّفقُّه في دينها واستقامتها، ولذلك فهو من الضَّروريَّات المؤكَّدة، فإذا منع الأهل ابنتهم منه فينظر في الأمر:
· فإن كانوا قائمين بما يجب عليهم من تعليم البنت ما يهمُّها من أمور دينها فعليها أن تطيعهم.
· وإن قصَّروا في ذلك وأمكنها أن تستغني عن الخروج بالاستفادة من الكتب النَّافعة ووسائل التَّعليم الحديثة وتسأل عمَّا أشكل بواسطة الهاتف فعليها أن تطيعهم أيضًا وتحاول التَّلطُّف معهم برفق حتَّى تقنعهم بأهمِّيَّة حضور مجالس العلم فيأذنون لها بالحضور.
· أمَّا إذا أصرَّ الأهل على منع ابنتهم من الحضور لدروس العلم في المسجد وكانوا يأذنون في الحاجات الأخرى فإنَّه يجوز الحضور للدُّروس من دون إذنهم، ويتفادى غضبهم بالتَّورية والتَّعريض ابتعادًا عن الكذب قدر الإمكان.
-
سادسًا: هل يجوز للمرأة المتزوِّجة حضور حلقات العلم دون إذن زوجها؟
· أمر اللَّه عزَّ وجلَّ المرأة بأن تلزم بيتها ولا تخرج من بيت زوجها بغير إذنه.
قال اللَّه تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [ الأحزاب: 33 ].
ومعنى هذه الآية: الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النَّبيِّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-، فقد دخل غيرهنَّ فيه بالمعنى.
· وعن ابن مسعود رضي اللَّه عنه أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال:
(إِنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتِ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنْ وَجْهِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا).· عن أنس قال: (جِئْنَ نِسَاءٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، فقلنَ: يا رسولَ اللَّهِ! ذَهَبَ الرجالُ بالفضلِ والجهادِ في سبيلِ اللَّهِ، فَمَا لَنَا عَملٌ نُدرِكُ بِهِ عَمَلَ المجاهدِينَ فِي سَبيلِ اللَّهِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-: مِن قَعدنَ -أو كلمةً نَحوَهَا- مِنْكنَّ في بيتِهَا، فإنَّها تُدرِك عَمَلَ المجاهدين فِي سبِيل اللَّهِ).
·
· وعليه فالمرأة لا يجوز لها أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، إلَّا:
·
o إذا أعسر زوجها وخرجت للنَّفقة.
o إذا كان يمنعها الذَّهاب للمسجد ويجيز لها الأماكن الأخرى دون مبرَّر.
o إذا كان في خروجها لمجلس العلم في المسجد ضرورةً للتَّفقُّه في أمور دينها لا يمكنها تحصيلها إلَّا عن طريق الذَّهاب للمسجد.
o إذا أمكنها الاستغناء عمَّا سبق بالاعتماد على دروس الأونلاين (الَّتي تعتمد على الاتِّصال بالإنترنت ووسائل التَّواصل الحديثة) أو الكتب النَّافعة، لم يَجُزْ لها مخالفة أمر زوجها.
-
سابعًا: ما هي الفوائد الرُّوحيَّة والاجتماعيَّة لحضور المرأة لحلقات العلم والذِّكر في المسجد؟
الفوائد الرُّوحيَّة:
1. تعزيز الإيمان والتَّقوى؛ فحضور حلقات العلم والذِّكر يزيد الإيمان والتَّقوى، حيث تتعلَّم المرأة المزيد عن أمور دينها وتزيد معرفتها وصلتها باللَّه وكتابه وسنَّة نبيِّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم-.
2. وحضور مجالس العلم والذِّكر يبعثان على الرَّاحة النَّفسيَّة والسَّكينة، ويساعدان في تقليل التَّوتُّر والقلق.
3. حضور هذه الحلقات يساعد المؤمنة على تقوية صلتها باللَّه من خلال التَّفقُّه في الدِّين، وتدبُّر القرآن والسُّنَّة.
4. يعدّ من الأعمال الصَّالحة الَّتي لها ثواب عظيم، ويكون للمرأة فيها أجر التَّعلُّم وتعليم غيرها.
5. مواصلة التَّعلُّم والتَّذكير بأمور الدِّين والآخرة يجعل المرأة تحافظ على عبادتها وأمور دينها.
الفوائد الاجتماعيَّة:
1. توسيع دائرة العلاقات الاجتماعيَّة ممَّا يساعدها في التَّعرُّف على نساءٍ أخرياتٍ يشاركنها نفس الاهتمامات، ويوسِّع دائرة معارفها وعلاقاتها.
2. يسهم حضور المرأة في هذه الحلقات في تكوين مجتمعٍ واعٍ ومثقَّفٍ دينيًّا، حيث يمكنها نقل ما تعلَّمته لأسرتها ومحيطها.
3. المرأة الَّتي تتعلَّم أصول الدِّين وأحكامه في هذه الحلقات تكون أكثر قدرةً على تربية أبنائها تربيةً صحيحةً، ونقل المعرفة إلى الأجيال القادمة.
4. حضور المرأة لمجالس العلم والذِّكر يظهر أهمِّيَّتها ودورها الفعَّال في بناء المجتمع، ويعزِّز من مكانتها كعنصر مساهم في نشر العلم والمعرفة.
والأهمُّ في ذلك أنَّ التزام المرأة بمجالس العلم في المساجد يساعد على إنشاء أمَّهاتٍ ومربِّياتٍ صالحاتٍ يسهمن بإنشاء جيلٍ صالحٍ تقيٍّ.
تنبيه هام:
إنَّ محتويات هذه المقالة خاصَّةً بموقع مؤمنة الإلكترونيِّ، ولا نجيز لأحد أخذها أو الاقتباس منها دون الإشارة لرابطها في موقعنا ولا نسامح على سرقة تعبنا فيها؛ نظرًا للوقت والجهد المبذولين فيها وحفاظًا على الحقوق العلميَّة لمحتوى موقعنا.