ضَوابِطُ العَلاقَةِ بَيْنَ المَخْطوبَيْنِ

مقال شامل يوضح الضوابط الشرعية للعلاقة بين المخطوبين، ويبين ما يجوز وما لا يجوز خلال فترة الخطوبة، مع الاستدلال بالقرآن والسنة، والتنبيه على أخطاء شائعة وتوضيح الفرق بين الخطبة والعقد الشرعي.

ضَوابِطُ العَلاقَةِ بَيْنَ المَخْطوبَيْنِ
ضوابط العلاقة بين المخطوبين
  • ماهية الخطوبة وحدودها

    الخطبة هي مرحلة تعارف شرعي، تمهيدًا لعقد النكاح. لا تعدو أن تكون وعدًا بالزواج، ولا تترتب عليها أحكام العقد الشرعي، ولذلك وجب التقيّد بضوابطها حتى لا تتحول هذه المرحلة إلى باب من أبواب المحرمات.

     وقد أجاز الشرع للخاطب أن يتحدث مع مخطوبته في حدود الحاجة وبضوابط صارمة، حفاظًا على العفاف ومنعًا للفتنة.

    ومن الضوابط الأساسية:

    1. الاقتصار في الحديث على قدر الحاجة، دون توسّع في الكلام غير الضروري.

    2. منع الخلوة بين المخطوبين، فلا يجوز أن ينفرد بها دون محرم.

    3. الامتناع عن المصافحة بينهما، لأنها لا تزال أجنبية عنه.

    4. خلو القلب من الريبة أو الشهوة عند الحديث أو اللقاء.

    5. الابتعاد عن الخضوع في القول من جهة الفتاة، امتثالًا لقوله تعالى:

    {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32].

     

    متى ما توفرت هذه الشروط وأُمنت الفتنة، فلا حرج في التواصل المنضبط بهدف التعارف والتأكد من التوافق.

  • موافقة الأهل ومكان اللقاء

    إذا رغب الخاطب بالحديث مع مخطوبته بحضور أهلها وضمن حدود الحجاب الكامل، وكان ذلك لأمر ضروري، فلا بأس، لكن القرار يعود للأب، إذ هو الأدرى بابنته والأحرص عليها، ويُرجع إليه في تحديد طبيعة العلاقة ومدتها.

  • ما يجوز بين المخطوبين في فترة الخطوبة

    إليكم أبرز المباحات التي يمكن أن تتم ضمن إطار شرعي خلال الخطبة:

    النظر إلى وجه المخطوبة وكفيها: يجوز للخاطب النظر إلى من يريد خطبتها بشرط أن يكون ذلك دون شهوة.

    الحديث المحتشم: يمكن للمخطوبين أن يتحاورا للتعرف على الأفكار والقيم، مع الالتزام بالجدية والحشمة.

    اللقاء في الأماكن العامة: يجوز الخروج معًا بوجود محرم أو في أماكن عامة مأمونة، لتجنب الخلوة.

    اللباس الشرعي: يجب على الفتاة الالتزام بالحجاب الكامل خلال فترة الخطوبة.

    الزيارات العائلية: اللقاءات العائلية تساعد على توطيد العلاقة بين الأسرتين، وتتم تحت إشراف الأهل.

    الاتفاق على تفاصيل الحياة الزوجية: تُعد من الأمور المشروعة، وتشمل توزيع المسؤوليات وتحديد الأهداف المستقبلية.

  • ما لا يجوز بين المخطوبين في فترة الخطوبة

    رغم أن الخطبة تُعد فرصة للتعارف، فإنها تظل مرحلة ما قبل الزواج، ولا تُبيح ما لا يُباح للأجنبي:

    الخلوة: يحرم اختلاء الخاطب بالمخطوبة في مكان لا يراهما فيه أحد، ويجب وجود محرم.

    التواصل العاطفي المفرط: لا يجوز التحدث بأسلوب فيه ميوعة أو تبادل ألفاظ المحبة، فذلك مما يُفسد القلب.

    اللمس أو المصافحة: غير جائز قبل العقد الشرعي.

    الاطلاع على الزينة الخفية أو الشعر: لا يجوز للخاطب رؤية شعر الفتاة أو بدنها.

    الوعود غير المنضبطة: مثل الوعد بالزواج في غياب موافقة الأهل أو قبل تمام الرؤية الشرعية.

  • إشراف الأهل ودورهم

    من المهم أن تكون العلاقة تحت رقابة الأهل، لما في ذلك من صون للطرفين، وضمان لعدم تجاوز الحدود. ويجب عدم الاستهانة بدور الأب في ضبط العلاقة وتوجيهها بما يحقق المصلحة ويمنع الانحراف.

  • التنبيه على وسائل التواصل الحديثة

    ينبغي الحذر من التوسع في المحادثات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين المخطوبين، فذلك قد يفتح أبوابًا للفتنة، خاصة مع غياب الرقابة، وقد يؤدي إلى التعلق العاطفي غير المنضبط قبل الرؤية الشرعية، مما يُفسد نية الزواج.

  • الفرق بين الخطبة والعقد الشرعي

    ينبغي التنبيه إلى أن الخطوبة لا تُحل ما لا يُحل إلا بالعقد. فكل ما لا يجوز بين الرجل والمرأة الأجنبية، لا يجوز بين الخاطب والمخطوبة، ولا يحل له الخلوة أو التمتع بها بأي صورة من الصور إلا بعد العقد الشرعي.

  • الخاتمة

    في الختام، فإن الخطوبة في الإسلام ليست إلا تمهيدًا لعقد الزواج، ولا تعني ارتباطًا شرعيًا كاملاً يبيح ما لا يباح إلا بعد العقد. ومن هنا، جاءت الشريعة بوضع حدود تحفظ للطرفين كرامتهما، وتصون العلاقة من التعدي، وتضمن بداية نقية لحياة زوجية مباركة. فالحرص على هذه الضوابط هو تعبير عن صدق النية، ونضج الفكر، ورغبة صادقة في تأسيس بيت يرضي الله عز وجل. فليكن تعاملنا مع هذه المرحلة بميزان الشريعة، لا بعاطفة مجردة قد تجرنا إلى الندم.