ما حكم النوم على البطن للرجال والنساء؟

تعرّف في هذا المقال الشامل على حكم النوم على البطن للرجال والنساء في الإسلام، مدعّمًا بالأحاديث النبوية وآراء كبار العلماء، مع توضيح الفرق بين الكراهة والتحريم. نستعرض الأدلة الشرعية، ونبين الهيئة النبوية في النوم، ونناقش الأضرار الطبية لهذه الهيئة، لتجمع بين الهدي الشرعي والتوجيه الصحي.

ما حكم النوم على البطن للرجال والنساء؟
حكم النوم على البطن
  • مقدمة

    يتساءل كثيرون عن الهيئة المثلى للنوم في ضوء الشريعة الإسلامية، خاصةً مع اختلاف العادات والتقاليد، ومن أكثر الأسئلة شيوعًا: ما حكم النوم على البطن للرجال والنساء؟ هل هو محرم شرعًا أم مكروه فقط؟ وما الأدلة التي استند إليها العلماء في هذا الباب؟ في هذا المقال، نقدم لك إجابة شاملة مدعمة بالأحاديث الصحيحة، وآراء العلماء، والنصائح الطبية، لنصل إلى فهم دقيق لهذا الحكم.

  • أولًا: الأدلة الشرعية على النهي عن النوم على البطن

    ورد في السنة النبوية أكثر من حديث يُبيّن كراهة النوم على البطن، ومنها:

    ·        حديث يعِيش بن طخفة الغفاري رضي الله عنه قال: "رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع على بطني، فقال: «إن هذه ضجعة لا يحبها الله»"
    رواه الترمذي (رقم 2768) وصححه الألباني.

    ·        وفي رواية أخرى عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    «إنها ضجعة أهل النار»
    رواها ابن ماجة (رقم 3723) وصححها الألباني.

    هاتان الروايتان تدلان بوضوح على أن هيئة النوم على البطن منهيٌّ عنها، والنهي في الشريعة يفيد التحريم أو الكراهة بحسب السياق.

  • ثانيًا: هل النهي يفيد التحريم أم الكراهة؟

    ذهب جمهور العلماء إلى أن النهي الوارد في الأحاديث ليس للتحريم، بل للكراهة التنزيهية، أي أن من نام على بطنه لا يأثم، ولكن يُستحب له أن يترك هذه الهيئة اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقد أفتت بذلك:

    • اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، حيث رأت أن النهي محمول على الكراهة وليس التحريم.
    • وكذلك أفتى بذلك الشيخ ابن باز رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله، مستدلين بأن النهي ورد في باب الآداب، والنهي في هذا الباب لا يُفهم منه التحريم مباشرةً، إلا بقرينة قوية.

    قال تعالى:

    {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
    [الأحزاب: 21]
    فاتباع هيئة نومه من السنن التي يُثاب عليها المسلم.

  • ثالثًا: هل يختص الحكم بالنوم فقط أم يشمل الاستلقاء؟

    أشار العلماء إلى أن النهي يشمل النوم والاستلقاء على البطن حتى لو لم يكن بنية النوم، مثل: الجلوس على البطن للقراءة أو الراحة، لأنه لا فرق في العلة، وهي التشبه بهيئة أهل النار كما في الحديث.

    لكن إن كان هناك سبب صحي يجعل الإنسان مضطرًا للنوم أو الاستلقاء بهذه الهيئة، فلا حرج عليه، لقوله تعالى:
    {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
    [البقرة: 286]
    وهذا يدخل في باب الرخص التي شرعتها الشريعة الإسلامية للتيسير.

  • رابعًا: السنة في هيئة النوم

    أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن النوم على الشق الأيمن هو الهيئة المحببة، وهي سنة ثابتة، فقد ورد في الحديث:

    • عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
      «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن»
      رواه البخاري (247) ومسلم (2710).

    وقد ثبت طبيًا أن النوم على الشق الأيمن يُساعد على راحة القلب والمعدة، ويساعد على انتظام التنفس، بخلاف النوم على البطن الذي يضغط على الأعضاء ويعيق التنفس السليم.

  • خامسًا: أضرار النوم على البطن من الناحية الطبية

    إليك بعض الآثار السلبية التي أكدها الأطباء حول النوم على البطن:

    • ضغط على القلب والرئتين مما يؤثر على عملية التنفس.
    • مشاكل في العمود الفقري والرقبة نتيجة الانحناء غير الطبيعي.
    • صعوبة في الهضم بسبب الضغط على المعدة والأمعاء.
    • زيادة حرارة الجسم وتعرّق مزعج بسبب ملامسة البطن المباشرة للفراش.

    كل هذا يؤكد أن الإسلام سبق الطب في الإرشاد للهيئة المثلى للنوم، مما يدل على عظمة هذا الدين في رعاية الجوانب الروحية والبدنية.

  • سادسًا: ماذا لو غلب الإنسان النوم على بطنه دون قصد؟

    من نام على بطنه دون قصد ثم استيقظ ووجد نفسه على هذه الهيئة، فلا إثم عليه، لأن النوم ليس في مقدور الإنسان التحكم الكامل فيه، ولكن يُستحب له عند بداية النوم أو إذا استيقظ أن يعود إلى النوم على الشق الأيمن.

  • الخلاصة

    • النوم على البطن مكروه في الشريعة الإسلامية، سواء للرجل أو المرأة.
    • السنة النوم على الشق الأيمن تأسّيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم.
    • النهي الوارد في الأحاديث يفيد الكراهة لا التحريم، بحسب جمهور العلماء.
    • لا حرج على من اضطر للنوم على بطنه لأسباب صحية.
    • الأطباء أكدوا أضرار هذه الهيئة من الناحية الصحية.
    • النوم على البطن لا يُناسب المسلم الذي يحرص على الاقتداء بنبيه واتباع ما يحبه الله.