قصة سبأ للأطفال: القوم الذين ضيّعوا النعمة
قصة سبأ للأطفال بأسلوب مشوق وسهل، تحكي عن قوم أغدق الله عليهم النعم، فلما كفروا بها أرسل عليهم سيل العرم فدمرت أرضهم. قصة قرآنية تعليمية مليئة بالعبر حول شكر النعمة وعاقبة الغفلة، مناسبة للأطفال بأسلوب تربوي ممتع ومبسط.

-
في بلاد بعيدة...
في قديم الزمان، في أرضٍ جميلةٍ اسمها "سبأ"، كان يعيش قومٌ طيبون في بداية أمرهم. كانت أرضهم خصبة ومليئة بالأشجار المثمرة. لا تحتاج إلى ريّ كثير، ولا إلى تعب كبير، لأن المطر كان ينزل في وقته، والنهر كان يمرّ من وسط بيوتهم، يسقي الزرع ويملأ الجرار.
وكان في وسط سبأ سد عظيم اسمه "سد مأرب"، يجمع مياه الأمطار ويحفظها، فإذا احتاج الناس الماء، فتحوا السد فسقت المياه الحقول. وكان في بلادهم جنتان عظيمتان، واحدة على اليمين وواحدة على الشمال، مليئتان بالثمار.
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ، جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ، بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ (سبأ: 15)
-
قرى قريبة وسفر مريح
لم يكن السفر صعبًا في بلاد سبأ. كانت القرى متقاربة، والطريق آمن، والطعام متوفر في كل مكان، فلم يكن المسافر يحتاج أن يحمل طعامًا كثيرًا أو يخاف من اللصوص.
قال تعالى:
﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً، وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ، سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ﴾ (سبأ: 18)
-
ولكن… بدأ الغرور يتسلل إليهم
رغم هذه النعم الكثيرة، لم يشكر قوم سبأ ربهم كما يجب. صاروا يتركون طاعته، ويظلم بعضهم بعضًا، وبدؤوا يشتهون التعب والمشقة!
نعم، قالوا: "نحن نريد أن نبتعد عن هذه القرى القريبة! نريد الأسفار الطويلة!"فقالوا:
﴿ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ﴾ (سبأ: 19)
يا للعجب! من يطلب أن يُبعد الله بين سفره؟! هل الملل من النعمة يُعَدّ شكرًا؟!
-
الجزاء: سيل العَرِم
فجاء العقاب!
أرسل الله عليهم سيلًا هائلًا يُسمّى "سَيْل العَرِم"، فانهار سد مأرب العظيم، وغرقت الزرع والثمار، وتهدمت القصور، وجفّت الأنهار.
لم تعد هناك جنتان، بل صار مكانها أشجار شوك ومرّ وطعام لا يُؤكل.قال الله:
﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ، وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴾ (سبأ: 16)
وصار الناس يتفرقون من أرضهم، فانتشروا في البلاد بعد أن كانوا مجتمعين. وصارت قصتهم مشهورة، حتى إذا أراد الناس أن يتحدثوا عن قوم تفرّقوا قالوا: "تفرقوا أيدي سبأ".
قال الله:
﴿ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ، وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ﴾ (سبأ: 19)
-
هل عادوا إلى الله؟
لم يتوبوا، ولم يصبروا، ولم يشكروا. بل كفروا بالنعمة، فأخذهم الله بالعذاب.
قال تعالى:
﴿ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ (سبأ: 17)
-
ماذا نتعلّم من القصة يا أصدقائي؟
- إذا أعطاك الله نعمة، فاشكره دومًا، ولا تتكبر.
- الشكر يجعل النعمة تزيد، والكفر يجعلها تزول.
- لا تقل: "أنا تعبت من النعمة"؛ بل قل: "الحمد لله على ما أعطى".
- قصص القرآن ليست للتسلية، بل لنتعلم منها ونتّعظ.
قال الله في نهاية القصة:
﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴾ (سبأ: 19)
- إذا أعطاك الله نعمة، فاشكره دومًا، ولا تتكبر.
-
هل تريد أن تكون مثل قوم سبأ أم مثل آل داود؟
آل داود كانوا يشكرون الله، فزادهم من فضله. قال تعالى:
﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ (سبأ: 13)
فاختر أنت أي طريق تسلك: طريق الشاكرين أم طريق الغافلين؟