دليل المعتدة: ما يُباح فعله وما يجب اجتنابه

مقال شامل يوضح أحكام العدة للمعتدة بعد وفاة زوجها، مستعرضًا ما يجوز لها فعله وما يُحظر عليها بموجب الشريعة الإسلامية. يشمل المقال شرحًا مفصلاً لأحكام الإحداد، وأحكام الخروج من المنزل، إضافة إلى إجابات على أكثر الأسئلة الشائعة حول العدة.

دليل المعتدة: ما يُباح فعله وما يجب اجتنابه
دليل المعتدة
  • أولًا: حكم الإحداد في العدة وما يشمله

    يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تحدّ، أي تترك الزينة، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء.

    الدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تُحدُّ امرأةٌ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا..." [صحيح مسلم].

    يشمل الإحداد الامتناع عن:

    ·       لبس الثياب المصبوغة للزينة (عدا ثوب العصْب).

    ·       الاكتحال.

    ·       استعمال الطيب (إلا لطهارة الحيض بقدر يسير).

    ·       لبس الحلي بجميع أنواعه (ذهب، فضة، ماس...).

    ·        المبيت خارج بيت الزوج المتوفى.

    ·        الزينة بكل أنواعها (الثياب الفاخرة، الكحل، الطيب، الحلي).

    ·       الخروج لغير ضرورة.

    ·       الخلوة بالرجال الأجانب.

    ·        الحديث مع الأجانب إن كان على وجه المراودة أو المزاح أو بغير حاجة.

     

  • ثانيًا: ما يحرم على المُحِدَّة عند المالكية

    تُمنع من كل ما يعدّ زينة، مثل:

    ·       الحلي والخواتم.

    ·       الكحل والخِضاب.

    ·       الأدهان المعطرة (مثل دهن الورد والبنفسج).

    يُستثنى من ذلك:

    ·       الأدهان غير المعطرة كالسمن والزيت والسيرج.

    ·       استعمال الكحل لضرورة (ليلًا مع مسحه نهارًا).

  • ثالثًا: ما يجوز للمُحِدّة فعله

    ·       يجوز لها:

    ·       الاستحمام والتنظف دون زينة.

    ·       استخدام مواد التنظيف التي لا طيب فيها.

    ·       إزالة الرائحة الكريهة عند الحيض بما يمنع الأذى.

    ·       غسل الشعر والجسد بالسدر أو الشامبو غير المعطر.

    ·       المشي داخل البيت، في الحديقة أو السطح.

    ·       تغيير الملابس العادية غير المزينة.

    ·       التحدث مع المحارم أو غيرهم في الأمور المباحة.

    ·       استعمال الهاتف في إطار الحاجة والمباح.

  • رابعًا: خروج المُعتدة من المنزل

    الأصل: تمكث المعتدة في بيت زوجها الذي مات عنها، ولا تخرج منه إلا لضرورة.

    الجواز نهارًا: يمكنها الخروج لقضاء الحوائج الضرورية (شراء طعام، زيارة الطبيب، مراجعة المحكمة).

    ليلاً: تخرج فقط للضرورة مع الانضباط، ويستحب أن تكون في بيتها عند غروب الشمس.

    لا يجوز مبيت المعتدة في غير بيتها إلا لعذر شديد (كخطر على سلامتها أو انعدام الأمان).

    لا يجوز إخراجها من بيت الزوجية حتى انقضاء العدة، ولو كان البيت ملكًا لورثة الزوج.

  • خامسًا: العدة لا تتأثر بمشاهدتها أو حديثها مع الرجال

    لا تُعاد العدة إذا رآها رجل أجنبي، أو حادثته بكلام مباح مع الحجاب.

    يجوز لها الحديث مع غير المحارم عند الحاجة، مع الالتزام بالستر والبعد عن الريبة.

    لا بأس بكلامها مع أولادها أو جيرانها أو من يعزيها، بشرط أن يكون الحديث مباحًا.

  • سادسًا: عِدّة الكبيرة في السن

    العدة واجبة على جميع النساء المتوفى عنهن أزواجهن، سواء كنّ شابات أم مسنات، يحيضن أو لا.

    المدة: أربعة أشهر وعشرة أيام (130 يومًا)، كما نص القرآن الكريم:

    {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا...} [البقرة: 234].

  • سابعا: نصائح للمرأة في العدة

    الإحداد عبادة قلبية قبل أن يكون مظهرًا؛ يعبّر عن الوفاء للزوج، والتسليم لقضاء الله.

    العدة فرصة للتفرغ للذكر والدعاء والتأمل في المصير والمآل.

    في حال عدم وجود مأوى أو كانت المرأة مهددة في بيت زوجها، يجوز لها الانتقال لمكان آمن وتكمل عدتها فيه.

  • ثامناً: عشر شائعة عما يجوز وما لا يجوز للمعتدة فعله

    1. هل تجب العدة على الزوجة إذا لم يكن قد دخل بها زوجها؟

    الجواب: نعم، في حالة الوفاة، تجب العدة على الزوجة مطلقًا، سواء دخل بها الزوج أو لم يدخل، وسواء خُلي بينها وبينه أم لا.

    والدليل: قوله تعالى:

    {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا...} [البقرة: 234]، واللفظ عام لم يُقيد بالدخول.

    2. هل تبدأ العدة من يوم الوفاة أو من يوم العلم بالوفاة؟

    الجواب: العدة تبدأ من يوم الوفاة الحقيقي، حتى إن علمت الزوجة بالوفاة بعد أيام أو أسابيع، فإنها تحسب العدة من يوم الوفاة، لا من يوم العلم بها.

    3. إذا كانت الزوجة حاملاً، فكم تكون عدتها؟

    الجواب: تكون عدتها حتى تضع حملها، مهما طالت المدة.

    الدليل: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

    4. هل يجوز للمرأة المعتدة أن تعمل؟

    الجواب: نعم، بشرط أن يكون العمل نهارًا، وأن تعود للمبيت في بيتها ليلاً، مع الالتزام بضوابط الإحداد (عدم التزين والخروج للحاجة فقط).

    5. هل يجوز للمرأة خلال العدة أن تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي أو تظهر صوتها في المقاطع؟

    الجواب: لا حرج في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للمباح، والظهور الصوتي جائز إذا لم يصاحبه تليين في الكلام أو خروج عن الحياء.

    ولا يجوز لها نشر صور أو محتوى يدل على الزينة أو الفرح.

    6. هل يجوز قراءة القرآن والذكر والدعاء للمعتدة؟

    الجواب: بل يستحب الإكثار من الذكر والدعاء وتلاوة القرآن، فهي فرصة للتقرب إلى الله.

    7. هل يمكنها الذهاب للمسجد أو حضور مجالس العلم؟

    الجواب: الصواب أن تكتفي بالصلاة في البيت خلال العدة، إلا لضرورة أو حاجة شرعية معتبرة. أما مجالس العلم فالأولى أن تتابعها عن بُعد، إلا إذا تعذّر.

    8. متى يمكنها التحدث في موضوع الزواج أو الخطبة؟

    الجواب: لا يجوز التصريح بالخطبة خلال العدة، لكن يجوز التعريض فقط، كما ورد في القرآن:

    {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ...} [البقرة: 235].

    9. هل تنقطع النفقة عن المعتدة بعد وفاة زوجها؟

    الجواب: نعم، لا تجب النفقة على الزوج المتوفى، لكن يجوز أن يُوصي لها بشيء، أو يُعطى لها من التركة إذا كانت محتاجة.

    10. هل يجوز لبناتها أو قريباتها أن يجلسن معها في العدة؟

    الجواب: نعم، لا بأس ببقاء المحارم أو النساء الصالحات معها للأنس والمساعدة، بشرط عدم إحداث لهو أو ما ينافي الإحداد.