كيفية الطهارة من نجاسة الكلب: أحكام شرعية ورؤى علمية
"هل تعلم أن الشريعة الإسلامية سبقت العلم الحديث في تحديد الطريقة المثلى للتطهير من نجاسة الكلب؟ في هذا المقال، نعرض لك آراء الفقهاء الأربعة في حكم طهارة الكلب، وكيفية الغسل الصحيح وفق السنة النبوية، مع عرض للرؤية العلمية حول فاعلية التراب في إزالة الجراثيم.

-
المقدمة
تُعدّ الطهارة من الأسس الجوهرية في الشريعة الإسلامية، فهي مفتاح العبادات، ولا تصح الصلاة إلا بها. ومن المسائل المثارة بين الفقهاء والباحثين، مسألة الطهارة من نجاسة الكلب، خصوصًا في ضوء الأحاديث النبوية التي خصّت لعاب الكلب بطريقة تطهير فريدة، مما يدفع إلى التساؤل: هل يشترط الغسل بالتراب؟ وهل يُجزئ الصابون؟ وما الرأي العلمي الحديث في هذه القضية؟ هذا ما سنناقشه في هذا المقال.
-
الأحاديث الواردة في تطهير نجاسة الكلاب
جاءت عدة أحاديث نبوية صحيحة تبين كيفية تطهير الإناء إذا ولغ فيه الكلب، منها:
· عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إِذَا وَلَغَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ".
رواه مسلم.· وفي رواية أخرى: "أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ".
رواه مسلم أيضاً.· وجاء في رواية: "وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ"، مما يدل على أهمية استخدام التراب تحديدًا في هذا النوع من النجاسة.
شرح الأحاديث
· التسبيع: غسل الإناء سبع مرات بالماء، زيادة على أولى بالتراب
· التتريب: استخدام التراب أو الغبار في إحدى الغسلات لاستئصال الجراثيم وفق دليل النبي صلى الله عليه وسلم.
-
خلاف الفقهاء في كيفية الطهارة من نجاسة الكلب
. هل التسبيع والتتريب خاص بالإناء أو عام في كل موضع؟
· الشافعية والحنابلة:
يرون وجوب غسل كل ما أصابته نجاسة الكلب (من لعاب أو بول أو شعر أو غيره) سبع مرات إحداهن بالتراب، سواء أكان ذلك في الإناء أو على البدن أو الثياب.· المالكية:
يرون أن الحكم خاص بالإناء فقط، والتطهير فيه تعبدي لا يُعلل. أما ريق الكلب عندهم فليس بنجس.· الحنفية:
لا يشترطون التتريب ولا التكرار، بل يكفي الغسل حتى تزول النجاسة.2. هل يشترط التسبيع في بول الكلب وغائطه؟
· يرى بعض الشافعية والحنابلة أنه يُعامل معاملة الولوغ، لأن بوله وغائطه أشد نجاسة.
· بينما يرى جمهور الفقهاء أنه لا دليل على ذلك، والأصل في النجاسات الغسل حتى تزول، دون تحديد عدد معين.
القول الراجح:
أنّ الولوغ له حكمٌ خاص بنص الحديث، والتطهير منه بالتسبيع والتتريب تعبديّ. أما سائر النجاسات من الكلب فتعامل معاملة سائر النجاسات، فتُزال حتى تزول عينها دون تقييد بعدد.
-
هل يجوز استخدام الصابون بدلًا من التراب؟
اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة:
· الرأي الأول:
لا يجزئ إلا التراب، لوروده بالنص، وقد يكون له خواص لا توجد في غيره.· الرأي الثاني:
يجوز استعمال ما يقوم مقام التراب في التنظيف، كالصابون أو المواد المعقمة، إذا تحقق به معنى التطهير، وهذا ما أفتى به جمع من العلماء المعاصرين، منهم الشيخ ابن عثيمين.· الرأي الراجح:
أن التراب مطلوب تعبديًا، فلا يقوم مقامه غيره في طهارة الولوغ، ما لم يكن هناك عذر أو تعذر التراب، فحينها يُرجى أن يقوم الصابون مقامه على قول بعض أهل العلم. -
الرؤية العلمية الحديثة في تطهير نجاسة الكلب بالتراب
توافقت البحوث الحديثة مع الإعجاز النبوي، وأكدت ما يلي:
1. التراب كمطهر طبيعي:
يحتوي على مواد عضوية ومعادن كالكالسيوم والسيليكا، تمتص البكتيريا والشوائب.
2. امتصاص الدهون والبروتينات:
لعاب الكلب يحتوي على دهون وبروتينات، والتراب يمتصها بطريقة لا يُحققها الماء وحده.
3. القضاء على الميكروبات:
يحتوي التراب على مركبات طينية وبكتيريا نافعة تعمل كمضادات حيوية طبيعية، تقتل الجراثيم مثل Capnocytophaga canimorsus.
4. فعالية الاحتكاك في التنظيف:
يعمل التراب على إزالة الجزيئات الدقيقة من الأسطح عن طريق الاحتكاك الميكانيكي.
5. التطهير الشامل:
الجمع بين الماء والتراب يعطي نتيجة تطهيرية عالية، لا تتحقق بالماء فقط.
-
خطوات عملية للتطهير
1. إفراغ الإناء من السائل أو المتنجس.
2. شطف مبدئي بالماء لإزالة الرواسب الكبيرة.
3. التسبيع بالتتريب:
أضف قليلًا من التراب النظيف إلى الإناء.
حرّك الإناء ليغطي التراب كلَّ السطح المصاب.
أفرغ التراب واشطف بالماء.
كرر هذه العملية سبع مرات، واحدة منها باستخدام الصابون بعد التراب أو قبله.