حكم مسّ الذكر أو الدبر أثناء الصلاة: التفصيل في وجود الحائل وعدمه
تعرف في هذا المقال على حكم مس الذكر أو المؤخرة أثناء الصلاة، وهل ينقض الوضوء في حال وجود حائل أو بدونه؟ تفصيل فقهي مدعّم بالأدلة من أقوال الأئمة والحديث النبوي، بأسلوب علمي.

-
مقدمة
يعدّ الطهارة من أهم شروط صحة الصلاة، فهي الركن الأساسي الذي تبنى عليه العبادة. ومن القضايا التي قد تُشكل على بعض المصلين وتستدعي بيانًا دقيقًا مسألة مسّ الذكر أو الدبر أثناء الصلاة، سواء أكان ذلك عن قصد أو بغير قصد، وبحائل أو دون حائل. هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها الفقهاء، وتتفرع عنها أحكام دقيقة تمس جانب الطهارة، وتوجب على المسلم معرفة الراجح فيها حفظًا لصحة صلاته وتمام عبادته.
-
أقوال الفقهاء في مس الذكر وأثره على الوضوء
اختلف أهل العلم في مس الذكر هل ينقض الوضوء أم لا، وقد جاءت آراؤهم على ثلاثة أقوال:
1. الرأي الأول:
أن مس الذكر ناقض للوضوء مطلقًا، سواء كان بشهوة أو بدونها، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة.2. الرأي الثاني:
أن مس الذكر لا ينقض الوضوء مطلقًا، وهو مروي عن بعض الصحابة، ويستدلون بحديث طلق بن علي.3. الرأي الثالث (قول متوسط):
أن المسّ ينقض الوضوء إن كان بشهوة فقط، أما إذا خلا من الشهوة فلا ينقض.الراجح:
القول الصحيح المعتمد – والذي عليه جمهور العلماء – أن مس الذكر ناقض للوضوء على الإطلاق، سواء كان بشهوة أو بغيرها، لما جاء في الحديث الصحيح:
عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال:
«من مسّ ذكره فليتوضأ»
– رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه البخاري وقال:
"هو أصح شيء في هذا الباب."وقد رواه عن النبي ﷺ جمعٌ من الصحابة، حتى قال الإمام أحمد: "روى فيه بضعة عشر نفساً من الصحابة."، مما يجعله من الأحاديث القوية التي لا تُعارض إلا بمثلها أو أقوى منها، ولم يرد عن النبي ﷺ ما ينسخه أو يقيده.
-
مس الذكر أو الدبر أثناء الصلاة: حكمه وتفصيله
1. إذا مسّ المصلي ذَكره أو دُبره بدون حائل:
- إذا مسّ ذكره أو دبره مباشرة بيده – سواء بباطن الكف أو ظهرها – فإن الوضوء ينتقض عند جمهور الفقهاء.
- وبما أن الوضوء شرط لصحة الصلاة، فإن انتقاضه يبطل الصلاة مباشرة، ولو وقع المسّ بغير قصد.
- عليه، يجب على المصلي أن ينصرف من صلاته ويتوضأ ثم يعيدها، لعدم تحقق شرط الطهارة بعد المسّ.
2. إذا مسّ المصلي ذَكره أو دبره بوجود حائل:
- إذا كان هناك حائل بين اليد والعضو، كأن يمسه من فوق الملابس أو غطاء، فإن الوضوء لا ينتقض عند جمهور أهل العلم.
- وهذا مستفاد من عموم مفهوم الحديث، حيث إن لفظ "المس" يفهم منه المباشرة بدون حائل، كما نص على ذلك العلماء، ومنهم الإمام أحمد وابن قدامة.
قال الإمام ابن قدامة في المغني:
"لا ينتقض الوضوء بمس ما عدا الفرجين من سائر البدن، كالأنثيين والإبط، في قول عامة أهل العلم."
3. الفرق بين مسّ الذكر ومسّ سائر الأعضاء:
- لا ينتقض الوضوء بمسّ الخصيتين أو غيرهما من أعضاء البدن، إلا إذا اقترن المسّ بمكان النجاسة مباشرة (الفرجين).
- وهذا يُبيّن أن الناقض مقيد بمسّ الفرجين تحديدًا لا سائر الجسد.
- إذا مسّ ذكره أو دبره مباشرة بيده – سواء بباطن الكف أو ظهرها – فإن الوضوء ينتقض عند جمهور الفقهاء.
-
هل المرأة في حكم الرجل؟
نعم، المرأة في حكم الرجل في هذه المسألة، فإن مسّ الفرج – سواء كان من الرجل أو المرأة – ينقض الوضوء إذا وقع بلا حائل.
- لعموم الحديث:
«من مس ذكره فليتوضأ»
وفي رواية أخرى:
«إذا مسّت المرأة فرجها فلتتوضأ» – وإن كان هذا الحديث فيه ضعف إلا أنه يؤيد عموم الحكم.قال النووي:
"المرأة كالرجل في هذا الباب، وهو قول الأئمة الثلاثة."
- لعموم الحديث:
-
ماذا يفعل المصلي إذا مسّ ذكره أثناء الصلاة؟
· إن مسّ ذكره بلا حائل أثناء الصلاة، بطلت صلاته فورًا، ولو كان ناسيًا أو بغير قصد.
· عليه أن:
1. ينصرف من الصلاة فورًا
2. يتوضأ من جديد
3. يستأنف الصلاة من بدايتها
· أما إذا مسّه بحائل، كأن كان فوق الثوب أو بوجود قفاز، فإن الصلاة صحيحة ولا يلزمه إعادة.
-
الاحتياط الواجب للمصلي
- ينبغي للمصلي أن يتجنب لمس الفرج مطلقًا أثناء الصلاة، حرصًا على طهارته وسلامة صلاته.
- وإن اضطر لحكّة أو إصلاح ثياب، فعليه أن يتأكد من وجود حائل قبل وضع يده.
- ويُستحب له أن يتوضأ احتياطًا إن حصل منه مس مشكوك فيه بلا حائل، مراعاة للخروج من الخلاف.
- ينبغي للمصلي أن يتجنب لمس الفرج مطلقًا أثناء الصلاة، حرصًا على طهارته وسلامة صلاته.
-
الخاتمة
مسألة مس الذكر أو الدبر أثناء الصلاة من المسائل التي يترتب عليها حكم شرعي مهم يتعلق بصحة الطهارة، وبالتالي صحة الصلاة. وقد رجّح جمهور العلماء أن المسّ المباشر دون حائل ناقض للوضوء، سواء وقع بشهوة أو لا. وعليه، فإن من مسّ فرجه أثناء الصلاة بطلت صلاته ووجب عليه الوضوء ثم الإعادة. أما إذا وجد حائل بين اليد والعضو، فلا وضوء عليه وصلاته صحيحة. وعلى المسلم أن يحتاط لعبادته، وأن يراعي شروط الطهارة كما أمر الله ورسوله.