حكم لبس البنطال للنساء أمام النساء – رأي الفقهاء والدليل الشرعي

تعرفي على الحكم الشرعي في لبس البنطال للنساء أمام النساء، مع بيان أقوال العلماء المعاصرين، والضوابط الشرعية، والأدلة من الكتاب والسنة، بأسلوب علمي مفصل

حكم لبس البنطال للنساء أمام النساء – رأي الفقهاء والدليل الشرعي
حكم لبس البنطال للنساء أمام النساء
  • أقوال العلماء في حكم لبس البنطال للنساء أمام النساء

    اختلف العلماء المعاصرون في حكم لبس البنطال للنساء أمام النساء، ويمكن تلخيص أقوالهم إلى قولين رئيسيين:

    القول الأول: الجواز بضوابط

    يرى أكثر الفقهاء المعاصرين جواز لبس البنطال للمرأة أمام النساء بشرطين:

    1.    ألا يصف العورة وصفًا دقيقًا، بمعنى أن يكون البنطال واسعًا لا يحدد حجم الأعضاء.

    2.    ألا يكون فيه تشبه بالرجال، أي أن يكون من طراز وألوان وأشكال خاصة بالنساء.

    وهذا القول قال به الشيخ ابن باز رحمه الله، حيث قال:

    "لا حرج في لبس المرأة البنطال بين النساء إذا كان ساترًا غير مبرز للعورة ولا موجبًا للفتنة."
    (مجموع فتاوى ابن باز، ج6)

    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

    "إذا كان البنطال واسعًا فضفاضًا لا يصف العورة ولا يخص به الرجال فلا بأس به بين النساء."
    (لقاء الباب المفتوح، ابن عثيمين)

    وهو كذلك ما ذهب إليه الشيخ صالح الفوزان، إذ قال:

    "إذا كان البنطال ساترًا وليس ضيقًا يصف العورة، فلا حرج على المرأة أن تلبسه بين النساء."
    (المنتقى من فتاوى الفوزان)

    القول الثاني: المنع مطلقًا

    ويرى بعض العلماء أن لبس البنطال للمرأة حتى بين النساء لا يجوز، استنادًا إلى عدة اعتبارات:

    • تشبه بالرجال، لأن البنطال في أصله لباس رجالي.
    • إظهار مفاتن الجسد حتى لو بين النساء.
    • اعتياد الجرأة في اللباس، مما يؤدي إلى تقليل الحياء وفتح الباب للتساهل في اللباس أمام غير المحارم.

    وهذا القول تبنّاه بعض المشايخ كـالشيخ الألباني رحمه الله، وقال:

    "لبس البنطال محرم للنساء، ولو لبسنه بين النساء؛ لما فيه من التشبه بالرجال، ومن إظهار للعورات وتحديد للجسم."
    (سلسلة الأحاديث الصحيحة، الألباني)

    كما سئل الشيخ صالح اللحيدان عن لبس البنطال للنساء، فقال:

    "البنطال لا يجوز للمرأة؛ لما فيه من التشبه بالرجال، ولأنه يحدد أجزاء الجسم، وهذا لا يليق بالمرأة المسلمة."
    (فتاوى نور على الدرب)

  • الأدلة الشرعية في المسألة

    أولًا: النصوص المتعلقة بستر العورة

    قال تعالى:

    {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}
    (الأعراف: 31)

    وفي الحديث الصحيح:

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان."
    (رواه الترمذي وصححه الألباني)

    وهذا يدل على أن جسد المرأة كله يجب ستره، حتى أمام النساء، إلا ما جرت العادة بكشفه عند المِثل.

    ثانيًا: النهي عن التشبه بالرجال

    قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء."
    (رواه البخاري)

    وهذا الحديث أصل في تحريم التشبه، فإذا كان البنطال من خصائص الرجال، ولم يكن معتادًا بين النساء، فإن لبسه يُعد تشبهًا.

    ثالثًا: أن اللباس لا يصف الجسد

    قال النبي صلى الله عليه وسلم:

    "صنفان من أهل النار... ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها."
    (رواه مسلم)

    قال العلماء في شرح "كاسيات عاريات": أي تلبس ما لا يستر، إما لقِصَره أو شفافيته أو ضيقه.

    فإذا كان البنطال ضيقًا يصف الفخذين أو الأرداف فهو داخل في الوعيد.

  • الضوابط التي تجعل لبس البنطال جائزًا شرعًا بين النساء

    لمن أخذ بالقول الأول (الجواز)، فليكن وفق الضوابط الآتية:

    1.    أن يكون واسعًا غير ضيق.

    2.    أن يكون من لبس النساء لا الرجال.

    3.    ألا يُظهر شيئًا من العورة ولو تحت الإضاءة أو الحركة.

    4.    ألا يكون لباس شهرة أو ملفتًا للغاية في محيط النساء.

    5.    ألا يؤدي إلى نزع الحياء أو تعود الفتاة على اللباس غير الساتر.

  • الخلاصة: ما هو الراجح؟

    الراجح – والله أعلم – أن لبس البنطال للمرأة أمام النساء جائز بشرط أن يكون ساترًا، فضفاضًا، وغير مشابه للباس الرجال، ولا يصف شيئًا من الجسد، خاصة ما بين السرة والركبة.

    فإن توفر ذلك، فلا حرج فيه، أما إن كان ضيقًا، يصف العورة، أو فيه تشبه بالرجال، فلبسه محرم.

    قال الشيخ ابن عثيمين:

    "إذا كان البنطال لا يصف، وكان من خصائص النساء، ولبسته المرأة بين النساء أو في بيتها، فلا حرج."