حُكْمُ الزَّوَاجِ بِثَانِيَةٍ دُونَ إِخْبَارِ الزَّوْجَةِ الْأُولَى

الزواج في الإسلام هو عقد شرعي مبني على المودة والرحمة، وقد أباح الله تعدد الزوجات وفق شروط وضوابط محددة. ومن أكثر الأسئلة التي تُطرح في هذا السياق هو: هل يجوز للزوج أن يتزوج بزوجة ثانية دون إخبار الزوجة الأولى؟ وما حكم الشرع في ذلك؟ هذه المقالة تسلط الضوء على هذه المسألة من الناحية الفقهية والاجتماعية.

حُكْمُ الزَّوَاجِ بِثَانِيَةٍ دُونَ إِخْبَارِ الزَّوْجَةِ الْأُولَى
حكم الزواج بزوجة ثانية دون إخبار الزوجة الأولى
  • اولاً: حكم الزواج بثانية دون إخبار الزوجة الأولى

    1. الحكم : الجواز الشرعي

    من حيث الأصل، فإن الزواج بثانية دون إخبار الزوجة الأولى جائز شرعًا، إذ لم يشترط الإسلام إعلام الزوجة الأولى عند التعدد.

    2. والدليل على ذلك:

    -         قوله تعالى:

     "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ..." (النساء: 3).

    -        كما لم يرد نص شرعي صريح يشترط إخبار الزوجة الأولى، لكن هناك اعتبارات أخرى ينبغي مراعاتها.

    3. شرط الجواز

    إحدى أهم شروط التعدد هو العدل بين الزوجات، قال تعالى:

    "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً..." (النساء: 3).

    فإذا كان إخفاء الزواج الثاني يؤدي إلى ظلم الزوجة الأولى أو يؤثر على حقوقها، فقد يكون ذلك محرمًا من باب الظلم.

    4. الأبعاد الاجتماعية والنفسية لعدم إخبار الزوجة الأولى بالزواج من ثانية

    رغم أن الزواج بثانية دون إعلام الأولى جائز شرعًا، إلا أنه قد يؤدي إلى مشكلات أسرية واجتماعية، مثل:

    اهتزاز الثقة بين الزوجين: قد تشعر الزوجة الأولى بالخيانة، مما يؤدي إلى تدهور العلاقة الزوجية.

    تفكك الأسرة: قد يكون الزواج الثاني سببًا في حدوث خلافات عائلية، خاصة إذا لم يكن الزوج قادرًا على تحقيق العدل.

    أثره على الأبناء: إخفاء الزواج قد يسبب صدمة للأطفال ويؤثر على استقرارهم النفسي.

  • ثانياً: موقف الفقهاء من إخبار الزوجة الأولى

    الرأي الأول: استحباب إخبار الزوجة بالزواج الثاني و عدم وجوبه

    ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن إخبار الزوجة الأولى بالزواج الثاني ليس شرطًا لصحة العقد، وليس واجبًا من الناحية الشرعية، لكنه مستحب من باب حسن العشرة والمودة.

    الدليل:

    1. عدم وجود نص شرعي صريح يوجب إخبار الزوجة الأولى.

    2. الأصل في العقود أنها صحيحة ما لم يرد نص يبطلها.

    3. فعل الصحابة حيث لم يُنقل عنهم اشتراط إخبار الزوجة الأولى عند التعدد.

    الرأي الثاني: وجوب إخبار الزوجة بالزواج الثاني

    يرى بعض الفقهاء المعاصرين أن إخبار الزوجة الأولى واجب إذا كان عدم الإخبار سيؤدي إلى خداعها أو ظلمها أو إخلال بشرط العدل.

    الدليل:

    1. قاعدة "الضرر يزال"، فإذا كان عدم الإخبار يسبب ضررًا نفسيًا شديدًا للزوجة الأولى، فإنه يصبح واجبًا.

    2. حديث النبي ﷺ: "من غش فليس مني" (رواه مسلم)، ويعتبرون إخفاء الزواج نوعًا من الغش والخداع.

    3. العرف السائد اليوم، حيث أصبح الإخفاء سببًا رئيسيًا للمشكلات الأسرية، مما يجعله أمرًا يجب تجنبه شرعًا.

  • ثالثاً: متى يكون إخفاء الزواج من ثانية محرماً

    • إذا كان يترتب عليه ضرر نفسي أو مادي كبير للزوجة الأولى.
    • إذا كان مصحوبًا بخداع أو كذب.
    • إذا كان يؤدي إلى الإخلال بشرط العدل بين الزوجتين.
    • إذا كان هناك شرط مسبق بعدم الزواج عليها.
  • الخاتمة

    زواج بثانية دون إخبار الزوجة الأولى جائز من الناحية الشرعية، لكنه قد يكون غير مستحب من الناحية الأخلاقية والاجتماعية.

     لذا، يُفضل للزوج أن يكون صريحًا مع زوجته الأولى لتجنب المشكلات الأسرية وتحقيق الاستقرار. فالإسلام لم يشرع التعدد لإحداث الأذى، بل لتحقيق المصالح المشروعة وفق ضوابط العدل والرحمة.