حكم إزالة شعر ما بين الحاجبين: أقوال العلماء والأدلة الشرعية والنظرة العلمية الحديثة

تعرف في هذه المقالة على الحكم الشرعي لإزالة الشعر بين الحاجبين، مع بيان أقوال العلماء وأدلتهم من الكتاب والسنة، بالإضافة إلى ما توصل إليه العلم الحديث في هذا المجال، بنظرة فقهية وعلمية شاملة.

حكم إزالة شعر ما بين الحاجبين: أقوال العلماء والأدلة الشرعية والنظرة العلمية الحديثة
حكم إزالة شعر ما بين الحاجبين
  • النمص في ضوء الشريعة

    ورد النهي عن النمص في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
    "
    لعن الله النامصة والمتنمصة"
    – رواه البخاري ومسلم.

    وقد فسّر العلماء النمص بأنه إزالة شعر الحاجب لتغييره أو ترقيقه طلبًا للجمال، وهو داخل في التغيير المنهي عنه للخلق.

  • أقوال العلماء في إزالة شعر ما بين الحاجبين

    القول الأول: المنع المطلق

    يرى بعض العلماء أن إزالة أي شعر في منطقة الحاجبين، سواء كان من داخلهما أو ما بينهما، يدخل في النمص المحرم.

    • المالكية يميلون إلى التشدد في ذلك، ويعتبرون إزالة الشعر بين الحاجبين من باب التغيير المنهي عنه، لأن الأصل إبقاء الشعر كما خلقه الله، إلا لضرورة أو عذر شرعي.

    2. القول الثاني: الجواز في ما بين الحاجبين فقط

    ذهب جمهور من العلماء إلى جواز إزالة الشعر الذي بين الحاجبين لأنه لا يُعد من شعر الحاجب، ولا يغير الخلقة، بل يدخل في باب النظافة.

    ·        ابن الجوزي قال: "المنهي عنه ما كان داخلًا في تحديد الحاجب نفسه، أما ما بين الحاجبين فلا بأس بإزالته".

    ·        النووي رحمه الله قال: "النامصة: هي التي تزيل شعر الحاجب، أما ما بين الحاجبين فليس منه".

    ·        اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية قالت بجواز إزالة الشعر الذي بين الحاجبين لأنه لا يدخل في الحاجب.

    ·        الشيخ ابن باز رحمه الله قال: "الشعر الذي بين الحاجبين لا يدخل في النمص، ولا حرج في إزالته".

    3. القول الثالث: التفصيل حسب القصد

    يرى بعض العلماء المعاصرين أن الحكم يتغير حسب النية، فإن كانت الإزالة لأجل الزينة والتشبه بالكافرات، أو من باب تغيير الخِلقة فلا يجوز، أما إذا كانت للنظافة أو إزالة ما يسبب تشوهًا ظاهرًا، فلا حرج فيها.

  • أدلة القائلين بالجواز

    • عدم وجود نصٍّ صريح في تحريم إزالة ما بين الحاجبين، بل النص جاء في الحاجب تحديدًا.
    • القياس على إزالة الشعر من الوجه والبدن، كإزالة الشارب وشعر الإبط والعانة، وقد ورد فيها الأمر بالإزالة أو التنظيف.
    • قاعدة: الأصل في الأشياء الإباحة، ما لم يرد نص بتحريمها.
  • الضوابط الشرعية لإزالة الشعر بين الحاجبين

    • أن لا يكون الهدف التشبه بالكافرات أو العبث بالخلقة.
    • أن لا يتم أمام غير المحارم، حتى لا يدخل في باب التبرج.
    • أن لا يؤدي إلى فتنة أو كشف ما لا يجوز.
    • أن يكون بإذن الزوج في حال أدى إلى تغيير ظاهر في الوجه.
  • هل يُعد شعر ما بين الحاجبين من الحاجبين طبيًا؟

    بحسب التشريح الطبي، فإن الشعر الذي ينبت في المنطقة بين الحاجبين، والمعروفة باسم "جسر الأنف" (glabella)، لا يُعد جزءًا من شعر الحاجبين. فالحاجب يُعرف طبيًا بأنه شريط الشعر المقوس الذي يقع أعلى العين مباشرة، وله وظيفة عضوية في حماية العين والتعبير الوجهي.

    أما الشعر بين الحاجبين، فهو نتيجة طبيعية لنمو بصيلات الشعر في تلك المنطقة بسبب عوامل وراثية أو هرمونية، ولا يقوم بوظائف عضوية، بل يُنظر إليه في الطب التجميلي كشعر زائد أو غير مرغوب فيه، ويجوز إزالته لتحسين المظهر دون أن يُعتبر تغييرًا للخلقة أو جزءًا من الحاجب.

    وعليه، فإن الطب الحديث لا يعتبر شعر ما بين الحاجبين من شعر الحاجبين، بل يرى أن إزالته تدخل ضمن العناية الشخصية، مثل إزالة شعر الوجه أو الإبطين، ولا تتعارض مع السلامة الطبية أو الجمالية.

  • الخاتمة

    تضح من خلال أقوال العلماء وأدلتهم أن إزالة الشعر الذي بين الحاجبين جائز في الجملة، ولا يدخل في النمص المحرم إذا لم يشمل الحاجبين نفسهما، وكان لغرض النظافة أو تحسين المظهر دون نية تغيير خلق الله أو التشبه بالمفسدات. ويؤيد ذلك أيضًا ما توصل إليه الطب الحديث من عدم وجود ضرر في إزالته، بل اعتباره من مظاهر النظافة والاهتمام بالمظهر.

    وينبغي للمسلم أن يتحرى النية الصالحة في ذلك، وألا يجعل من هذه الأمور محور اهتمامه الدائم، بل يسعى لتحقيق التوازن بين جمال الظاهر ونقاء الباطن، فـ"إن الله جميل يحب الجمال"